Le journalisme : une profession et une mission
الصحافة حرفة ورسالة
Genres
وكان ظهور الجريدة بقيادة لطفي السيد انفصالا صريحا من هذه الخطة التي اتبعتها اللواء والمؤيد؛ فإنها - في صراحة لا تشوبها شبهة - قالت: إن مصر للمصريين وليست لتركيا أو بريطانيا.
ومع أن هذا المنطق واضح مقبول في أيامنا فإنه لم يكن كذلك فيما بين 1906 و1916؛ ولذلك وجد لطفي السيد معارضة غير صغيرة، ليس من الصحف فقط، بل من الشعب أيضا، ولكنه وجد تأييدا تاما من الطبقة المثقفة، كما وجد مثل هذا التأييد من الأقباط الذين لم يكونوا يفهمون معنى لاستقلال ندعو إليه تكون فيه السلطة المشرفة على البلاد سلطة الأتراك.
وهنا فضل لا ينسى إلى جنب أفضال كثيرة للطفي السيد على الصحافة المصرية؛ إذ ليس شك أنه المجدد الأول في الوطنية كما هو المجدد الأول في الصحافة المصرية.
الفصل الحادي عشر
كفاحي في الصحافة
سأكتب هذا الفصل لا على أني رجل خطير في الصحافة المصرية، بل للتمثيل على عدد كبير من الصحفيين الذين هدفوا من الصحافة إلى الكفاح، فخدموا الشعب وعودوه الفكرة والأسلوب والهدف في مكافحة الاستعمار الأجنبي والاستبداد الداخلي. وإذا كنت أكتب عن نفسي بدلا من أن أكتب عنهم فلأني أعرف نفسي أكثر، وليس لأني خدمت أكثر.
في 1914 أنشأت أولى المجلات الأسبوعية في مصر، وهي مجلة «المستقبل»، وكنت في بداية العقد الثالث من عمري قد أسكرتني الحضارة الأوروبية كما شاهدتها واختبرتها في عواصم أوروبا، فدعوت - في وجه المعارضة الاجتماعية قبل المعارضة الحكومية - إلى الأخذ بالآراء العصرية والحريات العصرية، وعطلت مجلة المستقبل في بداية الحرب الكبرى الأولى.
ثم عملت محررا في مجلات دار الهلال وجريدة البلاغ، وكانت دعوتي - كما هي الآن - الأخذ بالعلوم العصرية والصناعات العصرية، كما يتضح ذلك من الكتب التي ألفتها فيما بين 1924 و1930 مثل: «مختارات سلامة موسى» و«نظرية التطور وأصل الإنسان» و«اليوم والغد» و«العقل الباطن» إلخ. وجميعا تصطبغ بالصبغة العلمية وتهدف إلى التغير الفكري، كما أن معظمها كان قد نشر مقالات مستقلة في الجرائد والمجلات التي عملت فيها.
وفي أواخر 1930 أخرجت مجلتين، إحداهما شهرية وهي «المجلة الجديدة»، والأخرى أسبوعية وهي «المصري»، ولم تكد تظهر الأعداد الأولى حتى كانت الانقلابات التي دبرها إسماعيل صدقي بشأن إلغاء الدستور بإملاء فؤاد الملك وقتئذ، وكان هذا الأخير - لجهله وفساد ذهنه - يتعقد أن من حقه أن يحكم مصر حكما منفردا لا شأن للأمة فيه.
وكان وراء هذه الحركة الاستعمار الذي أراد معاقبة الوفد الهيئة الوطنية المتماسكة الوحيدة وقتئذ لأنه رفض عقد معاهدة ترسخ أقدام الإنجليز في بلادنا؛ وعندئذ وجدتني في غمرة كفاح عنيد ضد ثلاثة أعداء، هم:
Page inconnue