8
وبالبهائم للسواني، لا بالحلائل والغواني،
9
وببضائع الحوانيت، لا ببضائع أنطوانيت ... وليتكم إذ كنتم رجالنا لم تغلبكم نساؤهم، وإذ كنتم سيوفنا لم تأسركم دماؤهم، ويا ليتكم لم تتنعموا وتتأنثوا، فكانت البلاد تجد منكم أهل البأس، ولم تتعلموا وتتخنثوا، فكانت الأرض على الأقل تعرف منكم أهل الفأس! •••
ذلك هو الرجل، أما صاحبته فامرأة فرنسية، جميلة الوجه في طلعة الصبح، شابة الجسم شباب الضحى، ملتهبة الأنوثة كشعاع الظهيرة، رقيقة الطبع رنة الأصيل، زاهية المنظر في مثل شفق المغرب من تأنقها، ثم هي تنتهي من كل ذلك إلى مخير أشد ظلمة من سواد الليل ... ومن أين اعتبرتها ألفيتها رذيلة مهذبة، يترقرق فيها ماء العلم، ويجول في حسنها شعاع الفلسفة، كأنها عين فاتنة تدور فيها دمعة دلال!
ولم أكد أراها حتى أخذني جمالها؛ فإن لها عينين ركبتا تركيبا يجر المصائب على القلب، تلهبان أشعة ضاحكة أو عابسة، يخلق منها للقلوب حوادث وتواريخ، وترمى بنظرات تبرئ الصدور أو تمرضها، وتبسم بوجهها كله نوعا من الابتسام يكاد يسيل من كل ناحية في وجهها قبلات؛ أما افترار شفتيها فهو جمال على حدة يشبه نقل معاني الخمر من فم إلى فم ...
امرأة ساحرة لا أدري إن كانت بنيت على السحر، أو على الحب، ولا إن كان هذا الحب قد خلق لعنة عليها أم هي خلقت لعنة عليه، والحب دائما بركة امرأة، ولعنة امرأة! والتي تزرعه في كل مكان هي التي لا تحصد منه شيئا، فإن نالها شيء منه كان تعبا عليها، روحا لسواها.
وأشد ما في هذه المرأة الجميلة من الفتنة، اجتماع شهواتها في صوتها الندي المستطرب المتحزن،
10
الذي لا يخلو أبدا من حرف تسمع فيه همس قبلة من قبلاتها!
Page inconnue