ضعُفت أبصارُ بصائرهم عن احتمال ما في الصيَب من بروق أنوارهِ وضياءِ معانيه، وعجزت أسماعهُم عن تلقي رعود وعوده وأوامره ونواهيه. فقاموا عند ذلك حيارى في أودية التيه، لا ينتفع بسمعه السامع، ولا يهتدي ببصره البصير. ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٠] لهم علامات يُعرفون بها مبينة في السنة والقرآن، بادية لمن تدبرها من أهل بصائر الإيمان. قام بهم- والله- الرياء، وهو أقبحُ مقام قامه الإنسان، وقعَدَ بهم الكَسَلُ عما أمرُوا به من أوامر الرحمن، فأصبح الإخلاص عليهم لذلك ثقيلا وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا. أحدهم كالشاة العائرة بين الغنمين، تيعر إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، ولا تستقر مع إحدى الفئتين، فهم واقفون بين الجمعين. ينظرون أيهم أقوى وأعز قبيلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا.
1 / 10