الوحي لديهم كاسدة، وما هو عندهم بمقبول. وأهل الاتباع عندهم سفهاء، فهم في خلواتهم ومجالسهم بهم يتطيرون ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٣]
لكل منهم وجهان: وجه يَلقى به المؤمنين، ووجه يَنْقلب به إلى إخوانه من الملحدين. وله لسانان: أحدهما يَقْبَلهُ بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سره المكنون ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: ١٤] قد أعرضوا عن الكتاب والسنة استهزاء بأهلهما واستحقارا. وأبوا أن ينقادوا لِحُكمِ الوحيين فرحا بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثارُ منه إلا أَشَرًا واستكبارا. فتراهم أبدا بالمتمسكين بصريح الوحي يستهزئون ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: ١٥] خرجوا في طلب التجارة البائرة في بحار الظلمات. فركبوا مراكب الشبه، والشكوكُ تجري بهم في موج الخيالات. فلَعِبَتْ بِسُفُنهم الريحُ العاصف. فألقتْهَا بين سُفنُ الهالكين ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٦]
1 / 8