أَحْبَبْتُ أَنْ أُبَيِّنَ صِفَةَ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي، وَالاسْتِفْتَاءِ وَالْإِفْتَاءِ (١)، وَشُرُوطَ الْأَرْبَعَةِ، ومَا يَتَعَلَّقُ بذَلِكَ مِنْ وَاجِبٍ، وَمَنْدُوبٍ، وَحَرَامٍ، وَمَكْرُوهٍ، وَمُبَاحٍ؛ لِيَنْكَفَّ عَنِ الْفَتْوَى، أَوْ يَكُفَّ عَنْهَا غَيْرُ أَهْلِهَا، وَيَلْتَزِمَ بِهَا كُفْؤُهَا وَبَعْلُهَا، وَيُعْلَمَ حَال السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ، ويُمْنَعَ مِنْهَا مَنْ لَا حَاصِلَ لَهُ وَلَا مَحْصُولَ، وَهُوَ إِلَى الْحَقِّ بَعِيدُ الْوُصُولِ، وَإِنَّمَا دَأْبُهُ الْحَسَدُ وَالنَّكدُ (٢) وَالْفُضُولُ.
* وَمَنْ لا يَصْلُحُ لِلفَتْوَى لا يَصْلُحُ (٣) لِلْقَضَاءِ.
قَال الْقَاضِي الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى ابْنُ الْفَرَّاءِ الْحَنْبَلِيُّ ﵀ [تَعَالى] (٤) -: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الاجْتِهَادِ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ ولَا يَقْضِيَ" (٥).
وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ الاجْتِهَادِ فِيهِمَا (٦) عِنْدَنَا، وَلَوْ فِي بَعْضِ مَذْهَبِ إِمَامِهِ فَقَطْ أَوْ غَيْرِهِ.
وَكَذَا (٧) مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيرٍ.
وَرُبَّمَا أَذْكُرُ بَعْضَ مَا يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ فِي كِتَاب مُفْرَدٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى (٨).
فَاللهُ يُلْهِمُ السَّدَادَ وَالرَّشَادَ، إِنَّهُ رَحِيمٌ كَرِيمٌ جَوَادٌ.
(١) في (أ): الفتوى.
(٢) النَّكَدُ: هو الشؤم واللؤم. (العين): ٣/ ٤٢٧.
(٣) تصحَّفت في (أ) إلى: يحصل.
(٤) من (ب).
(٥) يُنظر: (الأحكام السلطانية): ٦٢، و(العُدة في أصول الفقه): ٣/ ٨٧٧.
(٦) أي: الفتوى والقضاء.
(٧) في (ب): كذلك.
(٨) لم يُذكر لابن حمدان أنه ألَّف كتابًا في القضاء، ولم يذكره لنفسه في مصنفاته.