وفجأة لاحت في الطريق سيارة فاخرة نظرت البنتان فيها فوجدتا أمهما ومعها خالهما، فإذا البنتان تقفزان من العربة وتجريان إلى السيارة ويصيح عبد القادر: امسك يا حاج أحمد. - ماذا أمسك؟ - البنات. - يا عبد القادر بك بناتك كبيرات أتريد يدي أن تأتي على صدورهن؟ - امسك ولا شأن لك. - نحن في الشارع يا عبد القادر بك، لا يمكن، لا أستطيع. - وأثناء هذا الحوار كانت البنات قد ركبن السيارة مع أمهما، وعاد هو خائبا إلى البيت وظل يدفع النفقة.
عبد القادر وبائعة الفجل
كان جالسا أمام باب بيته في بني سويف وكان الوقت رمضان، وكان صائما بطبيعة الحال حين مرت به بائعة فجل. - بكم الحزمة يا خالة؟ - بتعريفة. - هات عينة أريها لهم بالداخل. - أحسن فجل وشرفك، تفضل.
وأخذ حزمة الفجل ودخل إلى منزله، وما هي إلا لحظات قلائل وعاد. - خذي يا خالة. - ماذا؟ - الفجل لم يعجبهم. - الأمر لله، هات. - ونظرت المرأة في حزمة الفجل. - ما هذه؟ - الحزمة التي أعطيتها لي. - يا رجل يا ضلالي. - عيب يا خالة اختشي. - أعطيك حزمة ريانة ناضرة فتستبدلها بحزمة ذابلة بقيت عندك منذ أيام. - أنا يا امرأة؟ - تعريفة يا ضلالي تريد أن تأكلني فيها. - اذهبي يا امرأة أنا صائم، ولا أريد وجع دماغ. - صائم يا ضلالي، والله لأخرب بيتك.
واتجهت المرأة إلى نقطة البوليس وقدمت شكواها وانتقل الضابط مع قوة إلى عبد القادر. - ماذا فعلت لهذه المرأة؟ - إنها امرأة مجنونة. - اسمع إنها تقول إنها أعطتك عينة. - حصل. - وبالطبع البائع حين يعطي عينة يقدم أحسن ما عنده. - لقد رددتها لها. - سنجري تفتيشا في بيتك. - كيف؟ - هكذا. - وإن وجدت فجلا ببيتي؟ - سنقارنه بفجل المرأة فإن كان مثله فأنت قد استبدلت حزمة الفجل. - يا حضرة الضابط تكذبني وتصدق هذه المرأة. - أولا: أنت تعملها، وثانيا: لماذا تتبلى عليك هذه المرأة؟ - وقام الضابط والقوة بالتفتيش ووجدوا حزمة الفجل وقاموا بالمقارنة وأصدروا الحكم في الحال. - تدفع لهذه المرأة خمسة جنيهات. - ماذا ؟ - أو نقدمك إلى النيابة.
وفي هذه المرة دفع خمسة جنيهات.
عبد القادر وموظف البنك
كان معه خمسون ألف جنيه وبات ليلته في لوكاندة الحسين، وهي في هذا اليوم بالذات أحسن مكان يبيت فيه؛ فهي المكان الوحيد الذي لا يشك أحد أن شخصا يحمل خمسين ألف جنيه يبيت فيه.
صلى الفجر في الحسين وقصد ماشيا إلى البنك الأهلي فوجد البنك ما زال مغلقا؛ فتكوم بجانب الباب في انتظار فتح البنك.
وأقبل الموظف الذي يحمل مفاتيح البنك فوجد هذه الكومة فرق قلبه على هذا المسكين الذي يجلس في مثل هذه الساعة المبكرة من الصباح وفي هذا البرد القارس من يناير بباب البنك، ولم يكن الموظف غنيا ولكنه كان طيبا، فمد يده بقرش تعريفة أعطاه لعبد القادر فأخذه ووضعه في جيبه وهو صامت.
Page inconnue