Communisme et Humanisme dans la Loi de l'Islam
الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام
Genres
ولم يذهب عرش «رومانوف» وحده بعد هزائم الحرب العالمية الأولى، بل ذهبت معه عروش «هوهنزلرن» و«هابسبرج» و«آل عثمان»، وذهبت الهزائم قبل الحرب العالمية الأولى بأسرة «المانشو» في الصين على أيدي «سن يات سن» وأصحابه من طلاب الإصلاح.
وكل ما قيل عن نسبة الثورة الروسية إلى الشيوعية، فإنما مرجعه إلى الفئة التي كانت تدين بآراء «كارل ماركس»، وتسلمت قيادة الثورة بعد تمرد الجيش على أسرة «رومانوف»، ولكن الحركات الثورية في الصين وتركيا وألمانيا وغيرها قد آلت إلى أيدي فئات أخرى لا تنتسب إلى الشيوعية، وقد كانت الهزيمة الكبرى هي المشابهة الوحيدة بين هذه الحركات في جميع البلدان، ولم تتفق على برنامج غير ذلك بعد قيامها على رءوس الحكومات.
فالثورة الروسية بعد الحرب العالمية الأولى لم تكن من فعل الشيوعية، ولم يكن من الممتنع عقلا أن تحدث هذه الهزيمة قبل ظهور كتاب الشيوعية بنحو خمسين سنة بدلا من حدوثها بعد ظهوره بنحو خمسين سنة، فإن التاريخ حافل بأنباء هذه الهزائم التي أطاحت بالعروش ومهدت للحركات الثورية وقيام الدعاة من أصحاب المبادئ، أو أصحاب المطامع السياسية.
ولقد ذهبت هزيمة نابليون الأول بدولته، وعادت أسرة «البربون» إلى عرشها القديم فترة من الزمن، ثم ذهبت هزيمة نابليون الثالث بدولته وقوضت عرش فرنسا العريق لتقوم على أنقاضه دعائم الجمهورية، ومعها مبادئ الثورة الفرنسية التي تحقق منها ما تحقق، ولا يزال الكثير منها حبرا على ورق واسما على غير مسمى، وكان ذلك قبل عصر «كارل ماركس» بقرابة مائة عام.
فمن الواجب الفصل بين شأن المذهب الماركسي في قيمة التفكير وبين الحوادث الكبرى التي أضيفت إلى فكرته بفعل المصادفة، فجعلت لها شانا غير شأنها وأنقذتها من الإهمال الذي كان حتما مقدورا عليها لولا تلك المصادفة، فلو لم يكن «لينين» وأصحابه يقولون: إنهم ماركسيون لكان كتاب «رأس المال» - كما كان - رزمة من الورق اللغو، يعجب قراؤه لما فيه من الخلط والترقيع وغلبة أهواء الشر على قواعد التفكير، ولما كان له من موضع في غير الدراسات النفسية للرجوع بهذه الإحنة الخلقية إلى مراجعها من أثر البيئة والنشأة والتكوين، ولعله لم يكن ليظفر بهذه الدراسة النفسية؛ لخفاء اسم صاحبه وزوال الباعث لتمييزه بالدرس والاستكشاف.
أما الحركات الثورية، أو الدعوات الثورية، التي تولاها الشيوعيون بعد قيام سلطانهم في روسيا، فكل ما كان لها من الصلة بالصناعات الكبرى أن الصناعات الكبرى حشدت الأجراء بالمئات والألوف في صعيد واحد، فاستطاع الدعاة توجيه الدعوة إليهم جملة والتأثير فيهم بأساليب التأثير في الجماعات، سواء كانت هذه الأساليب من مبتكرات العصر الحديث أو من المخلفات التي تقدم بها الزمن في العصور الأولى.
وقد حاول «كارل ماركس» أن يفرق بين أجراء الصناعة وأجراء الزراعة في قابلية الثورة بفروق كثيرة تمحلها على طريقته في الالتواء والتسلل وراء الأسباب الاقتصادية الخفية، فقال مثلا: «إن الأجراء في الصناعة قابلون للثورة الاجتماعية؛ لأنهم لا يملكون شيئا في المصانع، وإن الفلاح الأجير غير قابل للثورة الاجتماعية؛ لأنه يملك بعض الأرض أحيانا أو يملك بعض النتاج منها»، ولكن سوابق التاريخ تعصف بهذا الهراء كله، وتبقى حقيقة واحدة من أسباب الثورات الاجتماعية، وهي إمكان اجتماع الثائرين في مكان واحد أيا كان عملهم في الصناعة أو الزراعة، وتتم أسباب الثورة حين تقترن بها الدعاية وضعف السلطان، أو ضعف الهيبة ممن يقبضون على أعنة الأمور.
حدثت أمثال هذه الحركات الاجتماعية في القدم قبل الميلاد بعدة قرون، ولم تكن هناك صناعة كبرى ولا صغرى تجمع بين الألوف من الأجراء وبين أقطاب رءوس الأموال وملاك الصناعات.
حدثت حركة كبيرة من هذه الحركات الاجتماعية بعد الأسرة الفرعونية الرابعة؛ لأن الفلاحين تعودوا الاجتماع بالمئات والألوف في بناء الأهرامات والهياكل، ووجدوا أمامهم نزاعا مستحكما بين طلاب السلطان.
وحدثت حركة الأرقاء في إسبرطة قبل الميلاد بأربعة قرون، وهم الأرقاء المعروفون باسم: الهيلوت
Page inconnue