Martyrs de l'intolérance
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genres
وكان كثير الارتياب، شأن من يهم بأمر خطير، فاتجه إلى تلك الزاوية من الحجرة حاملا مصباحا، ثم وقف وقال: هذا بلترو!
أجاب: نعم، أنا ذاك يا مسيو دي لارنودي. ألم تكن تتوقع أن تراني؟
قال: بلى، ولكن في غير هذا المكان، وإنني كنت أحسبك الآن في أمبواز.
أجاب: أصبت، وكان ينبغي أن الحق بالبلاط، إلا أن المسيو دي جيز أمر بإقفال الأبواب قبل الوقت المعتاد، فاضطررت إلى المبيت هنا.
فتفرس لارنودي في وجه الرجل، وصاح: ما دهاك؟ وما هذا الذي في رأسك؟
أجاب: إنه تذكار من الدوق دي جيز.
قال: هل دس عليك من يقتلك؟ - كلا لم يدس علي أحدا، بل تولى الأمر بيده، ولئن لم يفلح فليس الخطأ خطأه. - حدثني بذلك يا بلترو. - قصتي قصيرة. كنت أهوى فتاة حسناء، فتنت مدينة أورليان. - قال: لعلها ابنة الكتبي لوم؟ - نعم، وأبوها صديقي كما تعلم. فلما عدت من مدينة نانت، أردت الاجتماع بهما، وفي ذلك المساء بعينه قضت الصدفة بأن أقتفي خطوات الدوق دي جيز، وكان ذلك ساعة هممت بمغادرة أورليان. فتبعته حتى رأيته وقف بحانوت الكتبي يعقوب لوم، وأبصرت سلما من الحبال تدلى إليه من شرفة مادلين، فتسلق الدوق على الحبل، وصعد إلى حجرة تلك الفتاة التي كنت أهواها.
قال لارنودي: قبحه الله من فاسق!
قال بلترو: ألا تذكر يوم سألتني في نانت عما إذا كان يوجد سبب شخصي يحملني على معاداة الدوق دي جيز وأجبتك أنني إنما أبغضه؛ لأنه عدو مليكي ومذهبي. فالآن أنا أبغضه؛ لأنه عشيق مادلين، وأسأل الله أن يبقي على حياته إلى أن ألتقي به وأقتله بيدي. - ولكن كيف جرحت؟ - تبعته وما كدت أصل إلى الشرفة حتى انفتح باب غرفة الفتاة مادلين، ثم شعرت بألم شديد في رأسي، فسقطت من الشرفة إلى أرض الشارع ، ولبثت ممددا هناك حتى الصباح. فلما فتح يعقوب لوم مكتبته أبصرني فأدخلني بيته، وعالجتني مادلين من غير أن تتكلم، ولم أخاطبها بكلمة؛ لأنني لم أقو على توبيخها، ولا شك عندي أن الدوق أغراها وخدعها، وقال لها إنه من رجال البلاط دون أن يعرفها بنفسه.
قال لارنودي: إن مصابك يا بلترو يشدد حبل ولائنا واتحادنا، وإنما نحن، أنا وأنت، لا غرض لنا من حياتنا إلا الانتقام لأنفسنا! - هذا صحيح. - لقد أقسمت لي إذ كنا في مدينة نانت على أن تنتقم لي إذا مت قبلك انتقامك لأحد أقربائك. - إني لا أزال على عهدي وقسمي. - شكرا لك، ولست أدري هل نفلح في مشروعنا أم لا؟ غير أن نفسي تحدثني بالخيبة. فإذا هلكت. - أكون أنا حاضرا يا مسيو لارنودي، أما أنا فأشعر أنني لا أموت إلا بعد أن ينتقم لي.
Page inconnue