Martyrs de l'intolérance
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Genres
قال: أصغ إلي يا ترولوس. فهل تحسب أمير كوندة جبانا؟
أجاب: معاذ الله يا سيدي.
قال: ثق أن أعداء الدوق دي جيز سيلجئون إلى الفرار غدا من باريس لئلا تضرب أعناقهم. فاذهب واقض مهمتك عند أخي وارجع فاقض ليلتك في قصري.
فقصد ترولوس الكردينال دي بوربون - شقيق أمير كوندة - ولاحظ وهو سائر أن الطرق مزينة بالحبال الزينية، وأن الباريسيين فرحون بقدوم الدوق، لا يكتمون فرحهم، وسمع كثيرين في الطريق يبشرون نفوسهم بقرب وصوله.
ومما تنبه إليه أيضا أن الكنائس كانت مفتوحة، وكانت قد فاتت مواعيد الصلاة، وأن المارة يدخلونها كأنهم في يوم عيد.
فقضى مهمته عند الكردينال دي بوربون، ولم يخامر هذا أدنى انذهال من مثل هذا الأمر، لكنه قال لترولوس: لئن تيسر إنفاذ هذا الأمر على أمير كوندة فلا يسهل إنفاذه على الدوق دي جيز. ثم قال: على أنني سأنجز ما يتعلق بي، وأقسم لك على ذلك، ومر ترولوس بفندق «نيكول بوصه» فلقي صاحب الفندق، وقد أعد زينة بديعة، فقال له: ما هذا يا نيكول؟ فتذكر نيكول أن ترولوس بروتستانتي، وأنه عدو للدوق دي جيز كسائر أبناء مذهبه، فأجابه: ما هذا إلا للاحتفال بأحد الشعانين، وهو عيد يقع بعد غد.
قال: لم أكن أحسبك متمسكا بالدين الكاثوليكي إلى هذا الحد، وابتعد وهو يفكر، فدخل قصر كوندة فنام بعد أرق، واستيقظ عند الصباح على هتاف المتحمسين، فبادر إلى لقاء الأمير، وقال: ما هذا الهتاف يا مولاي؟ لقد كان الأجدر أن يوجه إلى ملك فرنسا دون سواه.
قال الأمير: إن الدوق دي جيز اليوم أسمى من ملك فرنسا منزلة، وأرفع شأنا. فتجول في المدينة تتحقق ذلك وتنبئ به الملكة الوالدة، أما أنا فإني ألبث ها هنا لأتلقى الأمر من أخي الكردينال قبل سفري. فنزل ترولوس إلى الشارع واتجه إلى ناحية باب سن أنطوان، وقبيل وصوله سمع وراءه نيكول يقول له: إلى أين؟ فأجابه: إلى باب سن أنطوان.
قال: ولكن الدوق آت من باب سن دنيس.
أجاب: ذلك مستحيل. قال: ألم يكن يأتي الملك من ذلك الباب عندما يروم أن يحتفل بقدومه؟ وأنت تعلم يا سيدي أن دخول الدوق العاصمة لا يشبه دخول الملك منذ ثمانية عشر شهرا.
Page inconnue