Mémoire des martyrs de la science et de l'exil

Faraj Sulayman Fuad d. 1369 AH
172

Mémoire des martyrs de la science et de l'exil

ذكرى شهداء العلم والغربة

Genres

سيداتي، أراني قد استرسلت في أحزاني لدرجة أني شاعرة كأني الحزن المجسم بينكن الآن، هذا مع علمي وعلم حضراتكن أن الحزن لا طائل تحته، بل الواجب علينا أن لا نسترسل في أحزاننا مخافة أن تهبط عزائم شبابنا، ولنجعل نصب أعيننا قول الشاعر:

إذا مات منا سيد قام سيد

قئول بما يرضي الكرام فعول

وإني يا حضرات السيدات، مع احترامي لشعوركن السامي وتقديركن الأعمال الجليلة حق قدرها يسرني أن المرأة الشرقية قد قاربت أن تستعيد سابق مجدها ورفعتها، إذ كانت في ذاك العهد لها القدح المعلى والكلمة النافذة والفكرة الراجحة بين مصاف الرجال، فبتعاضدنا هذا مع مساعدة رجالنا العاملين أريد أن أقترح اقتراحا هو عندي أجل وأسمى من كل ما عمل لأبنائنا الشهداء، وهو أنني أريد أن تقوم هيئة موقرة من رجال وسيدات لجمع مبلغ من المال يكفي لإرسال اثني عشر طالبا يتلقون العلم حتى النهاية ليكونوا شموسا لنا في المستقبل عوضا عن أقمارنا التي غربت، ونكون في نظر جميع الأمم الغربية قد قمنا بأحسن تذكار لتخليد ذكرى شهدائنا.

هذا وإني أستميحكم العذر يا أيتها الأرواح الطاهرة الزكية إذا أنا قصرت في رثائكم الآن، فهناك في دار البقاء في جنة الخلد في فردوس النعيم سيقوم لكم رب هذا البيت بما هو أجل وأعظم كعادته في تكريم النابغين، فكم له من أياد بيضاء! ولكنه راح ورحتم فسبحان من له البقاء!

ثم دعت بعد ذلك الخطيبات لإلقاء كلماتهن، فقامت الآنسة لبيبة حسن المدرسة بمدرسة عباس، وألقت هذه المرثية الشائقة المؤثرة:

سيداتي

والموت نقاد على كفه

جواهر يختار منها الجياد

لقد اندمل فؤاد العلم، وتصدعت جوانب مصر، وتزعزعت أركان الأهرام، وأزعجت رفات الفراعنة من أهوال زلزال الصاعقة، ثم انفجرت براكين الأحزان فتطايرت قذائفها على آل وادي النيل، وأصابت نفوسهم حتى عم الخطب وساد الأسى. ابك يا مصر، واسكبي عبراتك على فتية قضت من أجل رفعتك وهنائك. قيل إنك لا تزالين في مهد حضارتك، ولم تأخذي من العلم القسط الذي يؤهلك لأن تقفي في صف الأمم الراقية، فعز ذلك على أبنائك فغادروك ليعودوا إليك رجالا عاملين يصدون عنك تلك الغربة ويخرجون بك من ركن انزوائك، ذهبوا وكل آمالهم أن سوف يعودون إليك فيرونك مفككة من أصفاد الرق وأغلال الاستعباد، ذهبوا وهم يتزودون منك بالهتاف لاسمك وحياتك وحريتك، ذهبوا بصدور تهيم بحب العلم وقلوب تضيئها شعلة الذكاء المصري الوهاجة، ولكن عاجلهم القضاء فقضى على تلك الآمال وأطفأ تلك الشعلة حتى أظلمت في وجهك! فما أعظم بلواك يا مصر!

Page inconnue