وأتاح عمل بهجت مع ممدوح الفرصة له أن يعرف كل شيء عن أمواله، كل هذا وليس له ولد، له في ذلك حكم! والعجيبة أنه رجل لطيف ومستقيم، وكلما عرضت عليه عملية ظن أنها غير سليمة أو فيها شك أو فيها ظلم لأحد أبى أن يقبلها أو يقترب منها. سبحان مقسم الأرزاق! كل هذه الأموال وليس له ولد، والفقراء ينوءون بكثرة العيال.
كانت العلاقة بين ممدوح وزوجته كريمة ودودة راضية سلسة ؛ فقد كان كل منهما يحب الآخر ويحترمه، ويحرص على إرضائه؛ فممدوح كان يتحرى أن يغدق المجوهرات على كريمة، وكأنه يريد أن يعوضها بذلك عما حرمها الله.
وكانت هي لا تني عن الذهاب إلى الأطباء بأمل أن يهب الله لها مولودا، ذكرا كان أم أنثى؛ ليشيع السعادة في البيت الثري المحروم من الهناء.
وقد سافرت مع زوجها ست مرات إلى أوروبا سعيا وراء أطبائها؛ لعل واحدا منهم يحقق لهما هذا الأمل ... وكان ممدوح يبادر إلى الاستجابة إلى رغبتها في السفر كلما أبدتها.
كانا جالسين بغرفة المعيشة في بيتهما الضخم المليء بالتحف، والمكون من طابقين بمصر الجديدة. - ممدوح. - أفندم. - سمعت عن طبيب جديد في باريس. - وماله ... متى تريدين السفر؟ - إن كان الأمر متروكا لي فمن اللحظة التي نحن فيها. - في أي يوم نحن من أيام الله؟ - اليوم الأحد. - نسافر الأحد القادم، إن شاء الله. - صحيح؟ - وهل تأخرت عنك في طلب أبدا؟ - أطال الله لي عمرك. - آه! - ماذا؟ - ألم شديد ... شديد يا كريمة.
راح ممدوح يستجدي أنفاسه من الهواء في جهد عنيف، وسارعت كريمة إلى التليفون، وما هي إلا دقائق حتى كان الأطباء يزحمون البيت، ولكن الموعد كان قد حل ... استرد الروح واهبها، وصدق الشاعر:
إذا حم القضاء فلا أساة
فقد يجري القضا بيد الأساة
ولو أن الأطباء في هذه المرة كانوا أبرياء من موت ممدوح؛ فقد كانت أزمة قلبية حادة، وكان أمر الله، وما شاء تم.
الفصل السابع
Page inconnue