ﷺ – نوعان: نوع يفعله بمقتضى بشريته ﷺ دون أن يوحى إليه فيه بشيء، وهذا النوع لا صلة له بالتشريع، وذلك في جل شؤونه المعيشية التي لا يتعلق شيء منها بالدين حلًا أو حرمة ومن ذلك رأيه في تأبير النخل. ونوع آخر يفعله ﷺ بمقتضى كونه بشرا رسولًا، وفعله هذا إنما يقوم على وحي من قبل الله - تعالى. والأمران الأولان: تأبير النخل، ومنزل الجيش في بدر، من النوع الأول الذي فعله رسول الله ﷺ برأيه. والأمر الثالث اجتهد فيه الرسول ﷺ رأيه وآراء محل مشورته من الصحابة - رضوان الله عليهم - فنزل الوحي مصوبًا ومبينًا الحكم الصحيح.
الشبهة الثالثة:
خلاصة هذه الشبهة قولهم: إن السنة لم تكن شرعًا عند النبي ﷺ، ولم يقصد النبي ﷺ أن تكون سنته مصدرًا تشريعيًا للدين، وما قال شيئًا أو فعله بقصد التشريع، ولم يرد النبي ﷺ في حياته أن يكون ثمة مصدر تشريعي سوى القرآن المجيد. بل كان مصدر التشريع عند الرسول ﷺ هو القرآن وحده، وكذلك فهم الصحابة - رضوان الله عليهم - وجاء عهد التابعين الذين بدأت فيه فتنة القول بالسنة، وأنها مصدر من مصادر التشريع، وكانت تلك قاصمة الظهر بالنسبة للدين، حيث دخل فيه ما ليس منه، واختلط بالوحي الصحيح الخالص الذي هو القرآن، ما ليس من الوحي بل هو كلام البشر، نعني بذلك سنة النبي.