وقتا لا وجود للآخر فيه. نعم (1) قد اجتمعت فى وصف العقل لها بأنها كانت موجودة ، والاجتماع فى الحمل وفى وصف العقل غير الاجتماع فى الوجود ، مثل اجتماع كل إنسان فى أنه حيوان ، ولا جملة لهم البتة.
وأما الاعتراض الثاني فلا يخلو إما أن نعنى بالتوقف (2) المذكور فيه أن يكون أمران معدومان فى وقت ، وشرط وجود أحدهما فى المستقبل أن يوجد المعدوم الثاني قبله ، حتى يكون موقوف الموجود عليه. فإن كان الأمر على هذا ، وكان أمرا فى الماضى معدوما ، ومن شرط وجوده أن توجد أمور بغير نهاية فى ترتيبها وكلها معدومة (3)، فيبتدئ فى الوجود من (4) وقت ما يشترط ، استحال أن يوجد أمر موقوف الوجود على أمور غير متناهية لا موجود فيها. وأما أن يعنى به (5) أنه ليس يوجد إلا وقد وجد قبله أمور ، واحدا قبل آخر لا نهاية لها من غير أن يكون وقت كلها فيه معدومة ، فإن أرادوا هذا فهذا (6) نفس المطلوب ، فلا يجوز (7) أن تكون مقدمته قياس على إبطاله ، وأما ما بعد هذا الاعتراض ، فإنما جهلوا فيه الفرق بين كل واحد وبين الكل ، فإنه ليس إذا كان كل واحد من الأشياء بصفة ، يجب أن يكون الكل (8) يتلك الصفة ، بل لا يجب أن يكون له كل حاصل ، ولو كان كذلك لكان الكل جزءا ، إذ كل واحد جزء. ولا يرون أن (9) الأمور التي فى المستقبل (10) كل واحد منها جائز الوجود ، والكل غير جائز الوجود ، فليس حقا ما قالوه : إنه إذا (11) خرج كل واحد إلى الوجود بالفعل حاصلا فالكل (12) قد خرج ، ليس (13) فى غير (14) المتناهى ، بل الأمر على ما قلناه : إنه لو كانت عشرة متناهية تتوالى فى الوجود واحدا (15) بعد بطلان الآخر ، فلا يشك أن هذه العشرة يكون كل واحد منها موجودا بالفعل وقتا ، والكل غير موجود بالفعل البتة ، فإنه لا يكون لمثل هذا الكل من حيث هو كل وجود البتة. وقد يلزم هؤلاء الذين يمنعون (16) أن يكون لذات الخالق هذا الاقتدار غير (17) المتناهى ما أقوله ، وهو أنهم يجوزون لا محالة أن يكون قبل الحركة الأولى عدة حركات متناهية يوجدها (18) الموجد ، لكل واحد منها (19) حال من غير البقاء ، والبقاء محصل ويوالى (20) عليه من غير انقطاع ، وعددها عشرة مثلا.
فلا يخلو إما أن يكون عندهم جائزا مع جواز إيجاد أولها إلى إيجاد الحركة الموجودة الآن أن توجد عشرون (21) حركة
Page 238