جميع الجهات فلأنه (1) لا يخلو عنه مكان حتى يستبدله (2)، وأما إن كان غير متناه من (3) جهة دون جهة فربما أمكن أن يتصور عنه فراغ ، لكنه إذا انتقل إليه لم يخل إما أن يخلى عن الجهة المقابلة لها ، أولا يخلى ، فإن لم يخل فما انتقل ، لكنه ربا ونما ، وإن انتقل وأخلى (4) فالجهة غير (5) المتناهية. متناهية. وأيضا هذه الحركة لا يجوز أن تكون طبيعية ولا قسرية ، أما أنها لا تكون طبيعية فلأن الطبيعى هو الذي (6) يطلب أينا طبيعيا ، وكل أين كما قد فرعنا عنه (7) قبل حد ، وكل حد فهو محدود ، والمحدود (8) لا ينتقل إليه ما لا حد له ولا ينحاز (9) إليه ، وأما القسرى فإنا سنبين عن قريب أن ما لا يتناهى لا ينقسر ، وأيضا فإن القسرى يكون إلى خلاف الأين الطبيعى ، فإذا لم يكن طبيعى لم يكن قسرى. وأيضا فإنه كيف يكون الجسم البسيط وما يجرى مجراه متناهيا من جهة وغير (10) متناه من جهة ، وطبيعته متشابهة. فلا يخلو إما أن يكون الحد القاطع (11) له أمر تقتضيه طبيعته ، أو يكون إنما عرض له قسر وأمر خارج عن الطبع قد (12) أدركه. فإن كان مقتضى طبيعته ، وطبيعته متشابهة بسيطة ، فمن الواجب أن لا يختلف تأثيره عن طبيعته ، حتى يتحدد منه جانب ، ولا يتحدد منه جانب (13). وإن (14) كان بالقسر فتكون طبيعة هذا الجسم توجب أن يكون غير (15) متناه ، فإما أن يكون قد عرض أن حادا حده وقاطعا قطعه فجعله متناهيا ، فيكون غير المتناهى منه موجودا ، لكنه حد (16) دونه وقطع عنه ، فلا يكون متناهيه إلى فضاء أو خلاء ، ولكن تناهيه إلى مقطوع من جنسه وطبيعته ، فلا يكون له أيضا مكان يتحرك إليه هذا النوع من الحركة ، وإما أن يكون حدده من غير أن أبان منه أشياء ، بل من جهة أنه جعل كمه (17) كما ذا حد فى جهة ، دون جهة كما لعارض (18) أن يجعل كم الجسم المتناهى أقل عند التكاثف وأكثر عند التخلخل ، فيكون حينئذ من شأن هذا الجسم أن يقبل تناهيا وغير تناه ، وأن ذلك بتأثير مؤثر (19) وذلك مما سنوضح بطلانه بعد ، حيث (20) نبين أن الجسم لا ينفعل هذا النحو عن (21) مؤثر متناه أو غير متناه. وأما المركب فلا يجوز أن يكون غير (22) متناه من جهة ومتناهيا من جهة ، فإنا لو توهمنا كل واحد من أجزائه قد تحرك إلى جهة التناهى ، لم يخل إما أن يحصل للكل انتقال من الجانب غير المتناهى ، وذلك محال ، وإما أن لا يكون له انتقال
Page 213