العدة كان من تركيب ذلك جسم لا محالة ، وله نسبة إلى الجسم غير (1) المتناهى الأجزاء نسبة (2) محدود (3) إلى محدود (4) وفى عظمه. فإذا زيد فى الأجزاء على تلك النسبة بلغ المؤلف من الأجزاء المتناهية مبلغه ، فكان (5) جسما مساويا (6) له من أجزاء متناهية العدد. فكذلك (7) الجسم الأول هو من أجزاء متناهية العدد (8).
وأما مذهب (9) القائلين بأن القسمة تنتهى إلى أجسام لا تنقسم بالتفريق للاتصال ، فإنا نؤخر الكلام فى النظر فى (10) أمر هذه الأجسام ، فإنهم ليسوا يمنعون كون الأجزاء التي إليها تنتهى القسمة ذات احتمال لأن يفرض لها أجزاء ، إنما يمنعون وقوع ذلك بالفعل ، وعسانا نجوز ذلك أو لا نجوزه فيتعلق بنوع آخر من النظر. إنما الموضع الأخص به النظر فى الأسطقسات.
وأما مذهب المؤلفين للأجسام من غير الأجسام فيجب أن نوضح بطلانه (11)، فنقول : إن هذه الأجزاء إذا اجتمعت فكان (12) منها جسم ، فإما أن تجتمع على سبيل تتال فقط ، أو على سبيل تماس ، أو على سبيل تدخل ، أو على سبيل اتصال. إذ الأشياء المجتمعة ، إما أن يكون بينها بعد أو لا يكون ، فإن لم يكن بينها بعد (13)، فإما أن يكون تلاقيها بالأسر أو لا بالأسر فإن كان بالأسر ، كانت مداخلة على ما أوضحنا (14)، وإن كان لا بالأسر ، فإما أن يختص كل (15) بشيء به يلقى (16) الآخر ، أو يكون ذلك الشيء مشتركا ، فإن اختص فهو مماسة ، وإن كان مشتركا فهو اتصال. وكذلك هذه الأجزاء إذا اجتمعت لم يخل اجتماعها (17) من أحد هذه الوجوه ، فإن اجتمعت على التتالى فقط لم يحدث منها الأجسام المتصلة فى الحس وكلامنا فيها ، وإذا (18) اجتمعت على اتصال أو تماس فكل (19) واحد منها ينقسم إلى مشغول وفارغ وممسوس وخال ، على نحو (20) ما شرحنا فى الفصول السابقة. ويجب إن لم يتداخل ، أن يكون إذ لقى واحد منها واحدا فجاء ثالث ملاق لأحدهما ، أن يكون محجوبا عن ملاقيه (21) الآخر بتوسط هذا الملاقى ، فيكون كل قد نال بالملاقاة من ذاته ما لم ينله الآخر ، وهذا بين بنفسه ، فيكون المتوسط منقسما. وإن كانت (22) الملاقاة بالأسر كانت مداخلة (23)
Page 189