وربما اضطروا فى الطراغوذيات أيضا إلى أن يتركوا محاكاة الأفعال الكاملة ومالوا إلى المخزيات، وذلك أكثره فى الجزء الرأىي. وفد يخلط بعض ذلك ببعض الوجوه الأخر كأنها قد دخلت بالاتفاق لتعجب. فان الذى يدخل يالاتفاق ويقع بالبخت يتعجب منه. وكثير من الخرافات يكون خاليا عن النفع فى التخييل، وربما كان بعضها مشتبكا متداخلا به ينجح، كما أن الأفعال من الناس أنفسها بعضها ينال به الغرض ببساطته وبكونه واحدا متصلا، وبعضها إنما ينال به الغرض بتركيب وتخليط. والمشتبك المشتجر من الخرافات ما كان متفننا فى وجوه الاستدلال والاشتمال، وبذلك ينقل لنفس من حال إلى حال. وإن كل اشتمال واستدلال يراد به نقل النفس إلى انفعال عن انفعال يأن تخيل سعادة فتنبسط أو شقاوة فتنقبض، فان الغايات الدنيوية هاتان.
وأحسن الاستدلال ما يتركب بالاشتمال. وقد يستعمل الاستدلال فى كل شىء ويكون منه خرافة، لكن الأليق بهذا الموضع أن يكون الاستدلال على فعل، فان مثل هذا الاستدلال أو ما يجرى مجراه من الاشتمال هو الذى يؤثر فى النفس رقة أو مخافة، كما يحتاج اليه فى طراغوذيا؛ ولأن التحسين وإظهار السعادة والتقبيح وإظهار الشقاوة إنما يتعلق فى ظاهر المشهور بالأفعال، وإنها تكون لناس كانوا يستدل منهم ويحاكى بهم آخرون يجرون مجراهم فى الفعل.
فأجزاء الخرافة بالقسمة الأولى جزآن: الاستدلال، والاشتمال. وها هنا جزء آخر يتبعهما فى طراغوذيا وهو التهويل وتعظيم الأمر وتشديد الانفعال، مثل ما يعرض عند محاكاة الآفات الشاملة كالموتان والطوفان وغير ذلك.
فهذه أنواع طراغوذيا.
Page 185