وأيضا إذ كانت هذه الأجزاء مختلفة بالصغر والكبر فغير مستحيل أن تنقسم سطوحها المحيطة بمماسات سطوح أخرى؛ فتكون حينئذ سطوح من جسم واحد غير سطوح أحدهما لا محالة ، ويكون المحاط بسطوح أحدهما، لا محالة، غير المحاط بسطوح التى هى غير لها. وتكون متصلة مع الغيرية بأن لها حدا مشتركا. وطبيعة كل جسم طبيعة جرم منها خارج عنها. فتكون الجائرات عليها واحدة، فيكون من طبيعة ذلك الخارج جواز الاتصال بما اتصل به منها من طبيعته. فإن لم يتصل به فلعائق قسرى غريب.
وقد قالوا أيضا: إن هذه الأجرام يتألف منها أولا الهواء والماء والأرض والنار. ثم بعد ذلك تتألف منها سائر المركبات بتأليف ثان، وإن الهواء والماء والأرض والنار تتكون بعضها من بعض على سبيل الافتراق والاجتماع، وإن كان قوم منهم قالوا إن النار لا يتكون منها شىء آخر.
وقالوا: إن هذه الأربعة العناصر قد تتقوم من أجرام متشاكلة الشكل، مختلفة فى العظم والصغر. فالمثلثات المقومة للهواء مخالفة فى العظم للمثلثات المقومة للماء، وأنه ليس الأرض كلها من مكعبات؛ بل قد يكون فيها مثلثات، لكنها كبيرة، ولا الهواء كله فى مثلثات؛ بل قد يكون فيها مكعبات، لكنها صغيرة. وبعضهم جعل للنار أجزاء كريه، وبعضهم جعلها من مثلثات صنوبرية تحفظ شكلها. وبعضهم لم يجعل لها شكلا محفوظا منها؛ بل جعلها متبدلة الأشكال بما فيها من لطافة تنبسط بها وتلتحم.
ومن جعل النار كرية، لتتمكن من سرعة الحركة. و لم يعلم أن الكرية تعين فى التدحرج، وان الزاوية الحادة أعون منها فى النفود سويا، وأن النار لا تسمو متدحرجة.
ومن جعلها صنوبرية جعل طرفها الذى يلى فوق حاد التقطع.
Page 115