وما قوله فى اليد والرجل وفى البيت وفى الكرسى؟ هل هذه الأشياء متكونة عن لاشىء؟ فإن كانت عن لاشىء فقد بطلت المقدمة. وإن كانت عن شىء. فهل ذلك الشىء مثل أم ليس بمثل؟ وليس يمكن أن يقال إن الوجه متكون عن الوجه، والكرسى عن الكرسى، تكونا بالحقيقة إلا بالعرض، وعلى أن الشىء عن الشىء يقال كما يقال إن الكرسى عن الخشب، وهو غير شبيه. وكيف يكون الموضوع شبيها بالمركب منه ومن الصورة، وقد تكون كما تكون عن شىء قبله بطلت صورته لقبول صورة هذا، كما يتخذ من الباب كرسى، فيكون ليس أيضا عن الشبيه.
وأما المقدمة الأخرى، وهى أن لاشىء موضوعا للشىء فإنما يصح هذا إذا قيل إنه كان عنه، وهو موجود فيه. وأما إذا كان الوضع أن الشىء كان من لاشىء، أى بعد لاشىء لم يصر لا شىء موضوعا للشىء، والأولى أن يقال حينئذ لا عن شىء، حتى لا تقع هذه الشبهة. على أنه ليس نقيض قولنا إن الشىء كان عن الشىء هو أن الشىء كان لا عن شىء، أو كان لا عن شىء؛ بل إن الشىء لم يكن. وهذا إذا كان الشىء مرادا به أمرا بعينه. وأما إن كان مهملا فلا نقيض حقيقيا له، وإن كان بمعنى العموم، حتى يكون كأنه قال كل شىء يكون عن شىء، فليس نقيضه أن الشىء لا يكون عن شىء. وذلك لأن معنى هذا أن كل شىء لا يكون عن شىء. وهذه المقدمة ضد الأولى، لا نقيضها.
وأما الحجة التى يشترك فيها مثبتوا اسطقس واحد، وهى أن هذه المسماة بالأسطقسات يتغير بعضها إلى بعض، فلا بد من شىء ثابت، فإنما أثبتت لهم أن شيئا مشتركا، ولم تثبت أنه جسم طبيعى ذو صورة مقيمة إياه بالفعل، حتى يطلب بعد ذلك انه أى الأجسام، وترجم فيه الظنون؛ بل يجوز أن يكون ذلك الشىء جوهرا قابلا لصورة واحد من العناصر يصير جسما طبيعيا بتلك الصورة، وإذا سلخها اكتسب أخرى.
Page 95