La Théologie d'Avicenne tirée de son livre de la Guérison

Avicenne d. 428 AH
140

La Théologie d'Avicenne tirée de son livre de la Guérison

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

يبسط بسطا أكثر مما بسطناه، لكنه أولى بالصناعة الطبيعية وإنما يجب أن نذكر ههنا قدر ما تنحل به الشبهة ويظهر وجهها، ثم إن شاء مستقص أن يستقصي ذلك استقصاه من الأقوال المستقصاة في علم الطبيعة وخصوصا ما عسى يجده من جهتنا. فقد ظهر من جملة هذه التفصيلات الموضع الذي نظن فيه أنه يجوز أن يتساوى الفاعل والمنفعل فيه، والموضع الذي يظن فيه أنه يجوز أن يزيد عليه، والموضع الذي لا يجوز إلا أن يقصر عنه. وظهر في خلال ذلك أنه وإن كان كذلك فوجود المعنى من جهة نفس الوجود لا يتساوى فيه الفاعل والمنفعل إذا لم يكن فاعلا للمعنى بما هو وجود المعنى بالعرض كما بيناه. ثم الفاعل والمبدأ الذي ليس منفعله مشاركا له في النوع ولا في المادة، وإنما يشاركه بوجه ما في معنى الوجود، وليس يمكن أن يعتبر فيه حال المعنى الذي له الوجود لأنهما ليسا يشتركان فيه، فبقي فيه حال اعتبار الوجود نفسه، وقد كان في سائر ذلك ما كان من المتساوية والزائدة على مبدأ الفاعل إذا رجع إلى حال اعتبار الوجود كان المبدأ الفاعلي غير مساو له لأن وجوده بنفسه، ووجود المنفعل من حيث ذلك الإنفعال مستفاد منه. ثم الوجود بما هو وجود لا يختلف في الشدة والضعف، ولا يقبل الأقل والأنقص وإنما يختلف في عدة أحكام وهي: التقدم، والتأخر، والاستغناء والحاجة، والوجوب والإمكان. أما في التقدم والتأخر، فإن الوجود، كما علمت، للعلة أولا، ولمعلول ثانيا. وأما الاستغناء والحاجة، فقد علمت أن العة لا تفتقر في الوجود إلى المعلول، بل يكون موجودا بذاته أو بعلة أخرى، وهذا المعنى قريب من الأول وإن خالفه في الاعتبار. وأما الوجوب والإمكان، فإنا لم نعلم أنه إن كانت علة هي علة لكل ما هو معلول فهي واجبة الوجود بالقياس إلى الكل من كل المعلولات وعلى الإطلاق، وإن كان علة لمعلول ما فهي واجبة الوجود بالقياس إلى ذلك المعلول، وذلك المعلول كيف كان فهو ممكن الوجود في نفسه. وتلخيص هذا: هو أن المعلول هو في ذاته بحيث لا يجب له وجود، وإلا لوجب من دون علته إذا فرض واجبا لذاته وبحيث لا يمتنع له وجود؛ وإلا لما وجد بالعلة فذاته بذاته بلا شرط كون علة له أو لا كون علة له ممكنة الوجود، وإنما يجب لا محالة بالعلة. ثم العلة كما قد تبين لا يجوز أن يجب بها، بل يكون إما واجبا بذاته وإما واجبا من شيء غيره، فإذا حصل له الوجوب به فحينئذ يصح أن يكون عنه وجوب غيره، فيكون المعلول باعتبار ذاته ممكنا وأما العلة فباعتبار ذاتها إما واجبا وإما ممكنا، فإن كان واجبا فوجوده أحق من وجود الممكن وإن كان ممكنا

Page 139