La Théologie d'Avicenne tirée de son livre de la Guérison
الالاهيات من كتاب الشفاء
Genres
نفسه ليس وجوده واجبا بذاته، فكيف يجب به وجود غيره. والحدوث قد بطل فكيف يكون عند عدمه علة لوجوب غيره، إلا أن يقال إن العلة ليست هي الحدوث، بل يكون الشيء قد حصل له الحدوث، فيكون هذا من الصفات التي للشيء الحادث فيدخل في الجملة الثانية من القسمين. فنقول: إن هذه الصفات لا تخلو إما أن تكون للماهية بماهي ماهية، لا بما هي قد وجدت، فيجب أن يكون ما قد يلزمها يلزم الماهية، فتكون الماهية يلزمها وجوب الوجود؛ أو تكون هذه الصفات حادثة مع الوجود؛ فيكون الكلام في وجوب وجودها كالكلام في الأول، فإما أن يكون هناك صفات بلا نهاية كلها بهذه الصفة، فتكون كلها ممكنة الوجود، غير واجبة بذاتها، وإما أن تنتهي إلى صفة تجب بشيء خارج. والقسم الأول يجعل الصفات كلها ممكنة الوجود في أنفسها، وقد بان أن الممكن الوجود في نفسه، موود بغيره، فتكون جميع الصفات تجب بغير خارج عنها. والقسم الثاني يوجب أن الوجود الحادث إنما يبقى وجودا بسبب من خارج وهو العلة. على أنك قد علمت أن الحدوث ليس معناه إلا وجودا بعد ما لم يكن، فهناك وجود، وهناك كون بعد ما لم يكن، وليس للعلة المحدثة تأثير وغناء في أنه لم يكن، بل إنما تأثيرها وغناؤها في أن منه الوجود.ث عرض أن كان ذلك، في ذلك الوقت، بعد ما لم يكن، والعارض الذي عرض بالاتفاق لا دخول له في تقوم الشيء، فلا دخول للعدم المتقدم في أن يكون للوجود الحادث علة، بل ذلك النوع من الوجود بما هو لذلك النوع من الماهيات مستحق لأن يكون له علة وإن استمر وبقي. ولهذا لا يمكنك أن تقول: إن شيئا جعل وجود الشيء بحيث يكون بعد أن لم يكن، فهذا غير مقدور عليه، بل بعض ما هو موجود واجب ضرورة أن لا يكون بعد عدم، وبعضه واجب ضرورة أن يكون بعد عدم. فأما الوجود، من حيث هو وجود هذه الماهية، فيجوز أن يكون عن علة؛ وأما صفة هذا الوجود، وهي أنه بعد ما لم يكن، فلا يجوز أن تكون عن علة؛ فالشيء من حيث وجوده حادث، أي من حيث أن الوجود الذي له موصوف بأنه بعد العدم لا لعة له بالحقيقة، بل العلة له من حيث للماهية وجود، فالأمر بعكس ما يظنون بل العلة للوجود فقط، فإن اتفق أن سبقه عدم كان حادثا، وإن لم يتفق كان غير حادث. والفاعل، الذي تسميته العامة فاعلا، فليس هو بالحقيقة علة من حيث يجعلونه فاعلا، فإنهم يجعلونه فاعلا من حيث يجب أن يعتبر فيه أنه لم يكن فاعلا، فلا يكون فاعلا من حيث هو علة، بل من حيث هو علة وأمر لازم معه، فإنه يكون فاعلا من حيث اعتبار ما له فيه أثر مقرونا باعتبار ما ليس له فيه أثر، كأنه إذا اعتبرت العلة من حيث ما يستفاد منها مقارنا لما لا يستفاد منها سمي فاعلا. فلذلك كل
Page 130