La Théologie d'Avicenne tirée de son livre de la Guérison
الالاهيات من كتاب الشفاء
Genres
وهذا الشك وإن كان ركيكا سخيفا فقد أوردناه بسبب أنه قد وقعت منه الشبهة في زماننا هذا لطائفة ممت تتشحط في التفلسف. فنقول: إن هذا الشك قد وقع فيه الغلط من وجوه عدة. أحدها الظن بأن الموجود من الحيوان إذا كان حيوانا ما فإن طبيعة الحيوانية معتبرة بذاتها لا بشرط آخر لا تكون موجودة فيه. وبيان غلط هذا الظن قد تقدم. والثاني، الظن بأن الحيوان بما هو حيوان يجب أن يكون خاصا أو غير خاص بمعنى العدول، وليس كذلك، بل الحيوان إذا نظر إليه بما هو حيوان ومن جهة حيوانيته لم يكن خاصا ولا غير خاص الذي هو العام، بل كلاهما يسلبان عنه. لأنه من جهة حيوانيته فقط، ومعنى الحيوان في أنه حيوان غير معنى الخاص والعام، وليسا داخلين أيضا في ماهيته. وإذا كان كذلك لم يكن الحيوان بما هو حيوان خاصا ولا عاما في حيوانيته، بل هو لا غيره من الأمور والأحوال، لكنه يلزمه أن يكون خاصا أو عاما. فقوله لم يخلو إما أن يكون خاصا أو يكون عاما: إن عنى بقوله إنه لا يخلو عنهما في حيوانيته فهو خال عنهما في حيوانيته، وإن عنى أنه لا يخلو عنهما في الوجود أي لا يخلو عن لزوم أحدهما فهو صادق. فإن الحيوان يلزمه ضرورة أن يكون خاصا أو عاما وأيهما عرض له لم يبطل عنه الحيوانية التي باعتبار ما ليس بخاص ولا عام، بل يصير خاصا أو عاما بعدها بما يعرض لها من الأحوال. وههنا شيء يجب أن نفهمه وهو أنه حق أن يقال: إن الحيوان بما هو حيوان لا يجب أن يقال عليه خصوص أو عموم، وليس بحق أن يقال: الحيوان بما هو حيوان يجب أن يقال عليه خصوص أو عموم، وذلك أنه لو كانت الحيوانية توجب أن لا يقال عليها خصوص أو عموم لم يكن حيوان خاص أو حيوان عام. ولهذا المعنى يجب أن يكون فرق قائم بين أن نقول: إن الحيوان بما هو حيوان مجرد بلا شرط شيء آخر، وبين أن نقول: إن الحيوان بما هو حيوان مجرد بشرط لا شيء آخر. ولو كان يجوز أن يكون الحيوان بما هو حيوان مجردا بشرط أن لا يكون شيء آخر موجود في الأعيان، لكان يجوز أن يكون للمثل الأفلاطونية وجود في الأعيان؛ بل الحيوان بشرط لاشيء آخر وجوده في الذهن فقط. وأما الحيوان مجردا لا بشرط شيء آخر فله وجود في الأعيان، فإنه في نفسه وفي حقيقته بلا شرط شيء آخر، وإن كان مع ألف شرط يقارنه من خارج. فالحيوان بمجرد الحيوانية موجودا في الأعيان، وليس يوجب ذلك عليه أن يكون مفارقا بل هو الذي هو في نفسه خال عن الشرائط اللاحقة موجود في الأعيان. وقد اكتنفه من خارج شرائط وأحوال، فهو في حد وحدته التي بها هو واحد من تلك الجملة حيوان مجرد بلا شرط شيء آخر، وإن كانت تلك الوحدة زائدة على حيوانيته ولكن غير اللواحق
Page 101