فمن الأول: أحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة والسلف وأخبار جاهلية لها تعلق بمكة وأهلها وملوكها، وغير ذلك.
ومن الثاني: مسائل فقهية وحديثية، وما علمته من المآثر بمكة وحرمها، كالمدارس والربط١ وغير ذلك، وما علمته من أخبار ولاة مكة في الإسلام على سبيل الإجمال، وأخبار إسلامية تتعلق بمكة وأهلها وولاتها، والحجاج.
وكثير من هذه الأخبار، ذكره الأزرقي، وذكر أيضا بعض المآثر، وبعض المسائل الفقهية، وهذا القسم مما يكثر الاغتباط به، لأن غالبه لم يحوه كتاب٢، وإليه يتشوق ذوو الألباب، وأضفت إلى ذلك -أيضا- ما حررناه في ذرع الكعبة٣ والمسجد الحرام، وأماكن فيه، والأماكن المباركة بمكة وحرمها من المساجد والمواليد، والدور المباركة وحدود الحرم من جهاته المعروفة الآن بما فيها من العلامات المبينة لكون الذراع الذي حررناه به هو ذراع الحديد المستعمل في القماش بديار مصر والحجاز، والذراع الذي حرر به الأزرقي هو ذراع اليد، فيستفاد مما ذكرته ذرع ذلك بالوجهين، وبعض ما حررناه ليس في كتاب الأزرقي تحرير له، فلا يعرف تحريره إلا مما ذكرناه، فجاء -بحمد الله تعالى- تأليفا لأشتات الفوائد جامعا، وفي معناه إن -شاء الله تعالى- مفيدا نافعا.
ويستغنى به عن كتاب الأزرقي والفاكهي٤ ولا يغنيان عنه.
وللإمام الأزرقي، والفاكهي فضل السق والتحصيل والتحرير، فإن ما ذكراه هو الأصل الذي انبنى عليه هذا الكتاب، وفي كتاب الفاكهي وهو: محمد بن إسحق بن العباس المكي أمور كثيرة مفيدة جدا ليست من معنى تأليف الأزرقي، ولا من المعنى
_________
١ الربط: جمع رباط.
٢ بعد كتاب الأزرقي ظهر هذا الكتاب، ثم ألف ابن ظهيرة القرشي كتاب "الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف" عام "٩٥٠م"، كما ألف القطبي الحنفي المتوفي سنة "٩٨٨هـ" كتابه "تاريخ القطبي" المسمى: "الإعلام بأعلام بيت الله الحرام"، وبعد ذلك ألفت كتب كثيرة من العصر الحديث عن مكة والبيت الحرام منها: كتاب "تاريخ عمارة المسجد الحرام"، و"تاريخ الكعبة المعظمة" وكلاهما للشيخ عبد الله باسلامه ﵀ وألف كذلك الأستاذ أحمد السباعي كتاب "تاريخ مكة" الذي نشر سنة "١٣٢٧هـ".
وهذه الكتب مراجع قيمة في تاريخ البلد الحرام. وكل هؤلاء المؤلفين من أبناء مكة المكرمة.
٣ ذرع الكعبة والمسجد الحرام: قياس مساحتها.
٤ لا يعرف تاريخ ميلاد الفاكهي، وقد توفى نحو سنة "٢٨٠هـ" أي بعد الأزرقي بثلاثين سنة، وتوجد نسخة من كتاب الفاكهي مطبوعة مكونة من ستة أجزاء بتحقيق عبد الملك بن دهيش، ولم يسبق أحد في التأليف عن أخبار مكة إلا الوافدي المتوفي سنة "٢٠٧هـ"، والمدائني "١٥٣-٢٢٥هـ".
والزبير بن بكار "١٧٢-٢٥٦هـ" وعمرو بن شبة "١٧٢-٢٦٢هـ"، والأزرقي المتوفي نحو سنة "٢٥٠هـ".
1 / 17