وأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ، وكُرِهَ أَقْطَعُ، وأَشَلُّ وأَعْرَابِيٌّ لِغَيْرِهِ وإِنْ أَقْرَأَ وذُو سَلَسٍ وقُرُوحٍ، لِصَحِيحٍ، وإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ.
قوله (وأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي كَحَرُورِيٍّ) دخل فِي قوله: (كَحَرُورِيٍّ) المعتزلي والقدري (١)، ونحوهما ممن يشكل كونه كافرًا، وخرج به المقطوع بكفره، ومثله المازري بالقائل: إنه سبحانه ليس بعالم - تعالى الله عن ذلك - وخرج به أَيْضًا المقطوع بعدم كفره كذي هوىً خفيف، فاشتمل كلامه عَلَى أحكام الأقسام الثلاثة التي ذكر ابن رشد فِي رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب (٢) فإن قلت: فقد قال ابن عبد السلام إن أكثر المتكلّمين عَلَى هذه المسألة، إنما فرضوا الكلام فِيهَا فِي مبتدع كانت بدعته فِي الصفات، وبنوها عَلَى التكفير بالمآل، فلا معنى لذكر الحرورية هنا؛ إذ هم قوم خرجوا عَلَى عليٍّ - رضي الله تعالى عنه - بحروراء نقموا عَلَيْهِ قضية التحكيم، وكفّروا الناس بالذنب، ولَمْ يظهر منهم حينئذ بدعة فِي الصفات البتة.
قلت: قد ردّه ابن عرفة برواية أبي محمد وابن حبيب عن مالك [من ائتم] (٣) بأحدٍ من أهل الأهواء أعاد أبدًا إلاّ إمامًا واليًا أو خليفته عَلَى الصلاة؛ لأجل ائتمام ابن عمر بالحجّاج ونجدة الحروري (٤). وقال فِي " التوضيح ": قد يجاب عنه بوجهين:
أحدهما: أن ما ارتكبت الحرورية من التكفير بالذنب من أعظم البدع.
والثاني: نقل ابن يونس عن مالك التسوية بين القدري والحروري فِي أنه لا يصلّي خلفهما، ثم ذكر الخلاف كما ذكر ابن الحاجب (٥)، فدلّ عَلَى أن الجميع سواء.