تعني أحيانًا أي خارج على السلطان، دون أن يكون هذا الخارج من الشراة، وأظن أن الأخبار التي تتحدث عن مواقف بعض الخوارج بين يدي الحجاج إنما تشير إلى هذا النوع الثاني من الخارجين لا إلى أبناء المذهب الخارجي؛ فإذا أخذنا بهذين التقديرين لم نقبل كثيرًا من ذلك الشعر الذي يمثل ألوانًا من الخذلان ونفينا نسبته إلى الخوارج؟ الشراة؟؛ ليس معنى هذا أن لحظات الضعف لا وجود لها في حياة الناس؟ أيًا كان انتماؤهم؟ وإنما تغلب هذه اللحظات على أناس خرجوا طلبًا للاستشهاد هو الشيء الذي أتردد في قبوله.
٤ -؟ عمران بحطان بين شعراء الخوارج:
وفي عمران بن حطان تتبدى حقيقة هذا الشعر الذي انصهرت فيه جميع العواطف الدينية؟ انصهرت دون أن تموت؟؛ فعمران يتميز عن قطري بن الفجاءة، لأن قطريًا ارتطم بالذات حتى أصبحت محورًا لشعوره، فإذا ناجى نفسه أو تحدث عن الحرب أو عن الموت والإقدام فما ذلك إلا لكي يصور ذاته ويفتخر بما فعل، كما في قوله:
لا يركنن أحد إلى الإحجام ... يوم الوغى متخوفًا لحمام
فلقد أراني للرماح دريئة ... من عن يميني تارة وأمامي
حتى خضبت بما تحدر من دمي ... اكناف سرجي أو عنان لجامي
ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب ... جذع البصيرة قارح الإقدام فالشاعر يحبب القتال إلى الناس وينفرهم من الإحجام، ولكنه يدير الكلام حول نفسه ليفخر بفروسيته وشجاعته، وهكذا هو قطري في كل أشعاره لا يستطيع أن يخفي حقيقة شعوره بإنسانيته وتفردها، وإن كان يقر للأبطال من أعدائه ببطولتهم، ولا يحالول أن يخفي علاقته بحب الحياة أحيانًا، كما في قوله:
لعمرك إني في الحياة لزاهد ... وفي العيش ما لم ألق أم حكيم
1 / 18