فتساءل بقلق: ماذا عندك؟ - لا شيء على وجه اليقين. - أحيانا ألمح وقوفهم في النوافذ ولكن ماذا نتوقع؟ - طبعا توجد بنات الجيران، إني أقنع عادة بإرشادات عامة أضمنها حديثي وكأنها غير مقصودة لذاتها. - عين الصواب، هل علموا بالمأساة؟ - كلا بعد. - هل يجدي النبش والتحقيق؟ - لا أردي.
أطفأ الرجل سيجارته وتساءل بضيق: ألا يمكن أن ننسى الموضوع؟
رغم أنها تمنت ذلك إلا أنها قالت: المسكينة أهدرت حياتها. - ليس في وسعنا أن نفعل شيئا، هل في وسعك ذلك؟ - ليته كان ممكنا، المساعدة غير ممكنة، ولكن الراحة أيضا مستحيلة ... - افترضي أنك عرفت الجاني فهل يهبنا ذلك أملا جديدا؟ - من العدل أن يعرف ما جنته يداه ...
صمت متفكرا ثم قال: يا له من كابوس! - هو ذلك تماما. - فنفخ قائلا: لا داعي لأن نسبق الحوادث ...
فقالت بإصرار: بل يجب أن يعرف الأمر، أن يعرف الخبر على الأقل ... - إنك تنبشين عن المتاعب. - لقد وجدت رغما عن إرادتي ...
فقال مقطبا: اعتمدي في ذلك على نفسك! - أنت تحاول الهرب. - هربت أم لم أهرب ستدركني الحوادث حيث أكون.
فقال بوضوح: فلنؤجل الحديث إلى عطلة الجمعة.
4
وجاء يوم الجمعة. تبدى محمد قلقا كئيبا، أما جمالات فكانت أقدر على حبس انفعالاتها. وعقب الإفطار تهيأ الإخوة إلى حفلة الساعة العاشرة بالسينما. وبصوت مرتفع قالت جمالات مخاطبة زوجها: زارتني أم عنايات التي تركتنا لتتزوج من ابن عمها، وأخبرتني أن البنت هربت قبل الزفاف.
انتبه زغلول ورمضان ومحمود باهتمام، اتجهت أبصارهم نحو أبيهم وهو يتساءل متجنبا نظراتهم: هربت؟ ما معنى ذلك؟
Page inconnue