186

لويز :

نعم، هل سخرنا من الله؟

جان :

لم أقصد ذلك.

ولكننا سخرنا من «الإنسان»، وهذا أمر آخر! إنه مخلوق عجيب، يدعو إلى السخرية، وربما لم يخلق إلا من أجل ذلك، شامخ برأسه منتش بعمله، مما يدعو إلى الاستخفاف به، مستغرق في اختراع معبودات زائفة يبرر بها وجوده، فيصم أذنيه عن الضحك، ولا يرى بعينيه شيئا إلا نفسه؛ فهو أعمى عن شارات السخرية التي يلوح بها في وجهه.

وهكذا يسير مخمورا؛ أعمى وأصم. خير موضوع للتفكه العملي، وهنا يا إخوتي يجد الأبناء التعسين من أمثالي مجالا لأداء أدوارهم. إننا لا نسخر من أبينا المحبوب في السماء. إننا نحتفظ بضحكاتنا نوجهها إلى أبنائه التعسين المذنبين الذين يرتفعون عن مستواهم ويعتقدون أن لهم هدفا آخر في هذه الدنيا غير الموت. بعد أوهام السلطة تأتي أوهام الحب. عندما يعجز الإنسان عن التحطيم يبدأ في العقيدة بأنه يستطيع الخلاص بالتسلل إلى زميل له في الإنسانية، وهكذا يخلد نفسه. إنه لا يفتأ يكرر قوله: أحبني، أحبني، أعزني، احمني، أنقذني. إنه يقول ذلك للجنس البشري كله، ولا يقولون ذلك لله قط، وربما كان هؤلاء أشد ما يدعو إلى السخرية وأكثر من يستحق الازدراء؛ لأنهم لا يدركون مجد الفناء، هدف الإنسان العزلة والموت.

هيا بنا ندخل. *** (فوق الحصون. في المساء.) (دارمنياك ودي سيريزاي يدخلان من جهتين مختلفتين، متلفعين وقاية من المطر، ويصيحان ليسمع صوتهما خلال الريح العاصفة.)

دي سيريزاي :

دارمنياك، أنت هنا؟

دارمنياك :

Page inconnue