Shawqi : Une amitié de quarante ans
شوقي: صداقة أربعين سنة
Genres
فإن كان يقال: أمر عمم، فلماذا لا يقال: رأي عام وأي إثم فيها؟
وقولك بمعناها «أهواء النفوس» لا يؤدي حقيقة المقصود من قولهم «الرأي العام».
ومن العجب أن يعترض على مثلها البيان، وهو الذي يكتب في «اللغة والعصر» ويدعو إلى وجوب الوضع قضاء لحاجة العصر ووفاء بالمعاني الحديثة التي لم تكن عند العرب. على مخالفة رأيه هذا لما عليه جمهور أهل اللغة من أن اللغة سماعية لا قياسية، فكيف يعترض بعدها على «الرأي العام»؟ وليس فيها خروج عن المألوف ولا وضع جديد ولا صوغ ولا نحت.
وأنت لو طالعت الكتب العربية، خصوصا كتب العلم والحكمة، لم تجدها خالية من استعمالات كثيرة تساقطت - والله أعلم - إلى العرب من لغة اليونان والفرس أيام ترجمة كتبهم لعهد العباسيين؛ فالعربي القديم لم يسلم من هذه المواضعات فما ظنك بالعربي الحديث وقد أغارت عليه المعاني الأعجمية من كل جهة حتى اختلط الحابل بالنابل.
حتى إن «البيان» نفسه على نقاء لغته لا يسلم منها حين يقول في العدد الأخير الذي صدر فيه الانتقاد «رزئ العالم الأدبي»، فهي عبارة عصرية محضة مترجمة بالحرف عن الإفرنجية، وليست من أساليب امرئ القيس ولا الأعشى، ولا من تراكيب الإمام علي ولا المخضرمين، بل ليست من المولد، وإنما هي من أوضاع الجرائد السيارة.
ومثلها استعمال «البيان» مثلا «تنازع البقاء» عصرية محضة، وتعابير كثيرة ليس هنا محل سردها.
أما قول شوقي بك: «مدين لنصحها الثمين»، فليس بمعذور فيه عذره في «الرأي العام» التي جرت مجرى الأعلام.
غير أني عجبت جدا من أخي شوقي كيف لامني على مثلها أيام اجتماعنا بباريز،
2
ثم عاد هو إلى استعمالها حال كوني أنا تركتها بالمرة إكراما للعربية ولخاطره، فماذا طرأ عليه حتى صار يأتي الآن ما كان ينهى عنه؟
Page inconnue