لا أقول هذا عصبية، ففي بعض الأبنية الهندية جمال، وفي بعض الأبنية الإسلامية تعقيد، وكذلك قلت حين رأيت الجوامع والكنائس: هذه يسيرة جميلة، وهذه صعبة معقدة متجهمة، ما اشتبه علي الأمر في آثار المسلمين وغير المسلمين في الهند وغيرها. وأما بيان هذا وتفصيله فعلمه عند الخبراء.
الإثنين 18 محرم/30 أكتوبر
نحن وهم
ركبت الباخرة من الإسكندرية إلى كراچي يوم الجمعة 15 المحرم/21 أكتوبر، وكان في الباخرة سيدات أمريكيات في سن الشباب والفتاء ذاهبات إلى الهند، جهات مختلفة فيها، ليقمن فيها خمس سنوات ونصف، معلمات عاملات ما تعمله بعثات التبشير المسيحية في البلاد التي تذهب إليها. قال رفيق في الباخرة: ونحن نتحدث عن الجو: سيعرف هؤلاء الحر حين يبلغن غايتهن. قلت: إن كل شيء ممهد أمامهن ميسر، فهؤلاء الناس الأوروبيون ومن نسل منهم يخلقون حيثما كانوا من أرجاء الأرض بيئة مريحة ميسرة، فيكفون بها هموم الحر والبرد، والنصب والحرمان، ويفرغون لأعمالهم ناعمين برفاهية كالتي ألفوها في بلادهم أو قريب منها، ولولا هذا ما صبروا في الأرجاء النائية التي يذهبون إليها وما استطاعوا أن يوفروا أفكارهم وأيديهم للعمل الذي يغتربون له. وقد رأيت المهندسين من أمريكا في نجد في مزارع الملك عبد العزيز في الخرج، فوجدت مسكنهم مرفها لا ينقصه شيء وقد كيف الهواء كما يشاءون، وهم متصلون بالظهران يذهب كل منهم إليها في نوبات موقوتة، والظهران يصلهم بأمريكا، فلا عجب أن يطول مكثهم هناك ويفر غيرهم.
وقلت: إن رأيت هؤلاء في الهند أو رأيت أشباهن، وما أحسبك إلا رأيت، فستعرف صدق قولي.
ثم قلت: ولست بعد هذا مماريا في جرأة القوم، وإقدامهم على الاغتراب، وكلفهم بالمعرفة وطواعيتهم للواجب، فهذا قبل الرفاهية يخرج هؤلاء النساء من ديارهم إلى بلاد لم يعرفنها ليمكثن بها خمس سنوات.
بهذه الهمم وهذه العزائم، وبهذه الأخلاق ساد القوم وسيطروا وتسلطوا على أرجاء الأرض والبحار.
الثلاثاء 19 محرم /31 أكتوبر
في بحر العرب
قاربنا نهاية البحر الأحمر وجاوزنا أكثر الساحل اليمني، ومررنا بجزر صخرية يخفق عليها منار في أوائل الليل، وقيل: نحن مقبلون على بحر العرب، نجاوز عدن ونعرج إلى الشمال فنسير في خليج عدن إلى بحر العرب.
Page inconnue