144

شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار

شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي - محمد حسن عبد الغفار

Genres

صلاح القلوب سبب للسبق في الآخرة ودخول الجنة
قال تعالى: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ﴾ [الإسراء:٢٥] أي بما في قلوبكم.
هناك أمور تبين أن أعمال القلوب تسفر للناس عن أعمال تسبق أعمال الجوارح بمراحل، يبيت الرجل نائمًا على سريره هادئًا، ساكنًا، لا يقوم الليل، ولا يستغفر بالأسحار، ولا يصوم النهار، لكنه متقدم عند الله جل وعلا بنقاء قلبه وطهارة قلبه، ففي مسند الإمام أحمد عن النبي ﷺ قال: (يخرج عليكم رجل من أهل الجنة، فاشرأبت أعناق الصحابة على من يشهد له النبي ﷺ بالجنة وهو بين أظهرهم يمشي على رجليه أمامهم، فخرج الرجل، فجاء في اليوم الثاني والثالث، فالنبي ﷺ قال: يخرج عليكم رجل من أهل الجنة فخرج نفس الرجل) فتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص يريد أن يكشف عن أعماله، فقال: بيني وبين أبي ملاحاة، وأردت المبيت عندك، قال: أهلًا، فأكرمه وبات عنده، فلما أرخى الليل سدوله قام عبد الله بن عمرو يترقب هذا الرجل، هل يطيل ليله بالقيام تعبدًا لله؟ فما وجده قائمًا، قال: لعله في ظمأ الهواجر يصوم النهار، وصوم النهار لا عدل له، فلم يجد الرجل صائمًا! فتعجب عبد الله بن عمرو وقال: والله ما كان بيني وبين أبي ملاحاة ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (يخرج عليكم رجل من أهل الجنة، فخرجت أنت، فأردت أن أرى عبادتك فما رأيت شيئًا يتطلع إليه، فقال الرجل: ما هو إلا ما رأيت، ولكني لا أبيت ليلة وأنا أحمل لأحد في قلبي شيئًا، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: هذه التي لا نقدر عليها)، انظروا إلى نقاء القلب وطهارته مع قلة النافلة من الصيام والصلاة، ومع قلة الصدقة، ومع قلة سائر العبادات غير المفروضة، فجعله الله بذلك مقدمًا على أقرانه من الصحابة، بل يشهد له وهو حي يرزق بين أظهرهم بالجنة؛ لطهارة قلبه.
ما أعظم طهارة القلب! وما أحوجنا إلى طهارة القلب! وما أعظم الصدق والإخلاص واليقين مع الله جل وعلا!

13 / 5