Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

Ibn Jibrin d. 1430 AH
100

Sharh Umdat al-Ahkam by Ibn Jibreen

شرح عمدة الأحكام لابن جبرين

Genres

مشروعية الاستنجاء والوضوء من المذي وصفة الاستنجاء يقول: (كنت رجلًا مذاءً) أي: كثير خروج المذي، يقول في بعض الروايات: (فكنت أغتسل منه حتى تشقق ظهري) أي: من كثرة ما أغتسل، فلما أنه شق ذلك عليه استحيا أن يسأل النبي ﷺ؛ لأن هذا شيء يحدث بين الزوجين، فكأنه يحدث بينه وبين ابنته عندما يحصل ملامسة أو مداعبة أو تقبيل يخرج هذا المذي، دون أن يكون هناك جماع، فعند ذلك لما أنه لم يتجرأ على السؤال أرسل المقداد بن الأسود ليسأل ويخبره، وليس ذلك استحياء منه في طلب العلم، وإنما هو حياء أن يذكر له شيئًا مما يقع بينه وبين ابنته، فعند ذلك أفتاه النبي ﷺ بأنه عادة؛ لقوله في بعض الروايات: (وكل فحل يمذي)، هذا المذي يخرج غالبًا من كل فحل، أي: من كل ذكر، ثم رخص له بترك الاغتسال وأمره بالاستنجاء وبالوضوء. ففي هذه الروايات: (يغسل ذكره)، وفي رواية: (اغسل ذكرك)، وفي رواية: (توضأ وانضح فرجك)، فأخذ العلماء من ذلك أنه لا بد من غسل الذكر. وورد في بعض الروايات: (اغسل ذكرك وأنثييك) يعني: يغسل ذكره وخصيتيه؛ وذلك ليحصل تقلص الذكر وتوقف هذا الخارج؛ لأن الغالب أنه إذا حصل منه شيء من الانتشار أو من الشهوة، فإنه يسيل منه ويخرج، فإذا غسل ذكره كله وغسل أنثييه حصل بذلك توقف وحصل تقلص، والماء يحصل منه القطع حتى استعمال الماء بعد البول، فالاستنجاء يحصل منه فائدة توقف الخارج الذي هو البول، الماء يقطع خروج البول فكذلك يوقف خروج المذي. ومن العلماء من يقول: يغسل رأس الذكر فقط؛ لأنه الذي تلوث والذي خرجت منه النجاسة. ولكن الصحيح أنه يغسل ذكره كله، وأنه أيضًا يغسل أنثييه حتى تحصل المصلحة؛ وذلك لأن النص واضح لقوله: (يغسل ذكره) يعني: كل الذكر، وقوله: (اغسل ذكرك)، وكذلك قوله: (توضأ وانضح فرجك)، والنضح يطلق أيضًا على الغسل، نضحه بمعنى: غسله، أي: صب الماء عليه، والفرج اسم لما هو عورة، فيعم الذكر وقد يدخل فيه أيضًا الدبر. والحاصل: أن عليه أن يغسل الفرج كله، والحكمة في ذلك ظاهرة، وهي أن يوقف ذلك الخارج، ومتى خرج بعد ذلك فإنه يعيد الوضوء؛ لأنه يعتبر ناقضًا من النواقض، لكن يحدث أن كثيرًا من الشباب عندهم شيء من الوساوس والأوهام التي ليس لها حقيقة، فترى أحدهم يحس بأشياء لا حقيقة لها، فيتخيل أنه خرج منه مذي أو خرج منه بول، فيقطع الصلاة مرارًا ويقطع الوضوء، أو يعتقد انتقاض الوضوء كثيرًا، ويكلف نفسه ويشق على نفسه كثيرًا. فنقول: لا ينبغي التمادي مع تلك الوسوسة ما دام أنها توهمات ليس لها حقيقة، لكن متى أحس بخروج المذي خروجًا يقينيًا ولم يكن مستمرًا بحيث يلحق بسلس البول، فإنا نأمره بأن يجدد وضوءه، فيستنجي ثم يتوضأ.

4 / 3