عسير علىّ، وأمر عظيم لدىّ؛ لأنى لم أسبق بمن نسج (١) على هذا المنوال، ولا أزال (٢) عنه ما هو أمثال الجبال، وبأن البضاعة قليلة، والأذهان كليلة، وبأن هذا الزمان قد عطّلت فيه مشاهد هذا العلم ومعاهده، وسدّت مصادره (٣) وموارده، وخلت (٤) دياره ومراسمه، وعفت أطلاله ومعالمه؛ حتى أشرفت (٥) شموس الفضل على الأفول، واستوطن الأفاضل (٦) زوايا الخمول، يتلهفون من اندراس أطلال العلوم والقضايا، ويتأسفون من انعكاس أحوال الأذكياء والأفاضل، فأعرضوا عن هذا الكلام صفحا، وتكاثروا وألحوا (٧) على لحّا، فأخليت (٨) لها مجلسا أفردتها فيه النظر، ورميت بنفسى فى هذا الخطر، فإذا هى غريبة فى منزعها النبيل، بديعة إذا تأملها أولو التحصيل، ثم رمتها فما امتنعت، وكلفتها وضع القناع فوضعت، فتتبعتها لزوال الإشكال، ورضتها (٩) فذلّت أىّ إذلال، فربّ خبيء (١٠) لديها أظهرته فبرز بعد كمونه، وأسير [من] (١١) المعانى فى [يديها] (١٢) فككت عنه قيود الرمز فصار طليقا لحينه، مع كونى غريبا فى هذا الطريق، فريدا ليس لى فيه [من] (١٣) رفيق، لم يمش قبلى أحد عليه (١٤) فأستدل (١٥) بأثره، ولم أشارك وقت (١٦) الشروع عارفا أسأل منه عن (١٧) خبره، وربما كان ترد (١٨) على حال فأترك هذا النداء (١٩) وأشتغل (٢٠) بذكر أو غيره مما وضح فيه الهدى، فألهم الرجوع [إليه] (٢١) لكشف (٢٢) القناع، فأرجع مرغوم الأنف والمؤمن رجّاع، ولولا تطاول أعناق الإخوان إليه وطلبه (٢٣) منهم التعطف عليه لما تفوهت (٢٤) يوما بأخباره، ولا ساعدتهم على إشهاره (٢٥)، فإن كان ما وضعته (٢٦) صوابا فمن فضل ربى الناصر، وإن كان (٢٧) خطأ فمن فهمى [الفاتر] (٢٨)