فأراد الله تعالى برحمته التوسعة لهم فى اللغات كتيسيره عليهم فى الدين.
الثانى (١) فى معنى الأحرف:
قال أهل اللغة: حرف كل شىء: طرفه، ووجهه، وحافته، وحده، وناحيته، والقطعة منه.
والحرف أيضا: واحد حروف التهجى.
قال الدانى: تحتمل (٢) الأحرف هنا وجهين:
أحدهما: أن القرآن أنزل على سبعة أوجه (٣) من اللغات؛ لأن الحرف يراد به الوجه؛ كقوله تعالى: مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج: ١١] أى: وجه مخصوص: وهو النعمة والخير وغيرهما، فإذا استقامت له اطمأن وعبد الله، وإذا تغيرت عليه ترك العبادة.
والثانى: أنه سمى القراءات (٤) أحرفا على طريق السعة (٥)، كعادة العرب فى تسميتهم الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره (٦)، فسمى القراءة (٧) حرفا، وإن كان كلاما (٨) كثيرا؛ من أجل [أن منها] (٩) حرفا قد غير نظمه، أو كسر، أو قلب إلى غيره، أو أميل (١٠)، أو زيد، أو نقص منه، على ما جاء فى المختلف فيه من القراءة، فسمى القراءة إذا كان ذلك الحرف منها حرفا.
قال الناظم: والأول يحتمل (١١) احتمالا قويّا فى قوله ﷺ: «سبعة أحرف» أى:
[سبعة] (١٢) أوجه وأنحاء. والثانى يحتمل (١٣) [احتمالا] (١٤) قويّا فى قول عمر: سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة، [أى على قراءات كثيرة] (١٥)، وكذا قوله فى الرواية الأخرى: سمعته يقرأ فيها أحرفا (١٦).