والعصب لا بد وأن يكون دقيقًا لما ذكره بعد هذا. ويلزم ذلك أن لا يكون المجتمع منهما غليظًا جدًا. والأولى أنه كان يقول: والقوة المحركة إنما هي في العصب. فلو لم يحدث العضل لكان العصب إذا حمل حركة العضو احتاج إلى حمل ما معه من الرباط وجذبه إلى جهة مبدئه فيكون ذلك زيادة ثقل على العضو المتحرك فلا بد من حدوث العضل حتى يكون جذب العصب إلى موضعها فتكون المسافة قريبة فيكون في ذلك أمن من انقطاعها الذي أو جبه بعد المسافة وزيادة الثقل حينئذٍ محتملة لأنها حينئذٍ يسيرة جدًا بالنسبة إلى الوهن الذي كان يوجبه بعد المسافة. وفائدة حشو العضلة باللحم أن يبقى وضع أليافها محفوظًا وإنما جعل من اللحم لأنه لو جعل من عضو صلب لم يمكن تقلص تلك الليف عند إرادة تحريك العضو. ولو جعل من الشحم ونحوه لكان يزيد تلك الألياف بردًا فجعل من اللحم لأنه مع لينه يسخن تسخينًا معتدلًا لبرد العصب والرباط، وإنما جعل في وسط العضلة كالمحور من جوهر العصب ليكون جوهر العصب ليس بكثير الانتعاش فيضعف وإنما جللت العضلة بالغشاء ليكون لها حس من خارج ولا بد وأن يكون الرباط الذي يحدث منه، ومن العصب العضلة رباطًا متصلًا بعظم قريب منها حتى تكون مرتبطة بها فلا يزول عن مكانها عند جذب الوتر ذلك العضو المتحرك. والله ولي التوفيق.
الفصل الثاني
تشريح عضل الجبهة
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه من المعلوم أن عضل الوجه.... إلى آخر الفصل.
الشرح قوله من المعلوم أن عضل الوجه على عدد الأعضاء المتحركة في الوجه يريد أن أنواعها على عدد الأعضاء المتحركة، أعني المتحركة بذاتها بعضل يخصها، وأما ما يتحرك بالغرض كحركة عضو تبعًا لحركة آخر أو بالذات ولكن بشركة عضو آخر، فإنه لا يلزم أن يكون له نوع من العضل على حدة، ولا يلزم أيضًا أن يكون عدد أشخاص العضل على عدد الأعضاء المتحركة بذواتها وبانفرادها إذ قد يكون لعضو واحد عضلتان. وثلاثة تحركه حركة واحدة، وذلك بأن تكون حركته تلك بفعل الكل جملة، أو بفعل بعضها بدلًا من البعض، وإنما يلزم ذلك أن تكون الأنواع على عدد تلك الأعضاء وأعني بهذه الأنواع التي تكون نوعيتها بالإضافة إلى الأنواع المختلفة كقولنا عضل حركة الخد، وعضل حركة الصدر ونحو ذلك.
وإن كان الكل من حيث هو عضل نوعًا واحدًا، وإنما كانت عضلة الجبهة رقيقة لِأن العضو المتحرك بها، وهو الجلد خفيف فلا تكون محتاجة إلى كثير من جرم الرباط والعصب، وإنما كانت مستعرضة ليمكن أن تعم جميع أجزاء الجلد لأن هذه العضلة نحرك العضو المتحرك بها بغير وتر بل بذاتها، وإنما كان كذلك لأن تحريكها له لو كان بوتر لكان ذلك الوتر إما أن ينبسط طرفه حتى يلاقي جميع أجزاء الجلد أو لا يكون كذلك. فإن كان الثاني لم يلزم من تحريكها إلا تحريك الجزء الذي يتصل به ذلك الوتر إذ الجلد شديد القبول للتمدد فإذا انجذب منه جزء لم يلزم ذلك انجذاب باقيه. وإن كان الأول لم تكن حاجة إلى ذلك الوتر إذ هذا الاتصال يمكن حصوله من ألياف العضلة من غير حاجة إلى وتر يزيد في ثخنها فيزيد في نتوء الجبهة ويكون ذلك منكرًا في الخلق وإنما كانت هذه العضلة غشائية لأنها لرقتها وقلة اللحم فيها تكون كالغشاء. وإنما كانت شديدة المخالطة للجلد لأنها تحتاج أن تكون ملاقية لجميع أجزائه حتى يكون تحريكها لجميع الأجزاء جملةً واحدةً. والله ولي التوفيق.
الفصل الثالث
تشريح عضل المقلة
وأما العضل المحركة للمقلة.... إلى آخر الفصل.
الشرح
1 / 51