وثانيتهما: لتكون وقاية حريزة للأعضاء المحصورة في الصدر، وبيان هذا أن الأضلاع تستدير حول الصدر فوقايتها هي بتلك الإحاطة. وأما ما هو أعلى منها فلا مدخل لها في توقيته لكن خرزات العنق وأعلى القص والرأس يوقى وسط أعلى الصدر وقاية ما. وأما جانباه، فلا يحصل لهما بذلك وقاية يعتد بها، فاحتيج إلى عظم الكتف ليكون كالستارة لمؤخر ذلك الموضع، فيقوم في ذلك مقام الفقرات من خلف، وأما مقدم ذلك الموضع فيتستر بعظم الترقوة، وإنما جعل كذلك لأن جهة المؤخر غائبة عن حراسة الحواس، فاحتيج أن تكون وقايتها أتم، فلذلك جعل هذا الساتر من خلف أعظم، واكتفى من جهة المقدم بالترقوة، ومع صغرها وخصوصًا ورأس عظم الكتف يميل إلى قدام فيعين عظم الترقوة على التوقية.
وأقول: أن لهذا العظم منفعة أخرى، وهي تحسين الخلقة، إذ لو لاه لبقي موضعه غائرًا جدًا فكان يكون سطح الظهر مستهجنًا. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني صورة هذا العظم قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الشرح إن هذا العظم في صورته كأنه مثلث مركب من مثلثين أحدهما: وحشي، والآخر: أنسي ويسمى جملة هذا العظم المثلث العظيم، ويسمى جزؤه الوحشي المثلث الوحشي، وجزؤه الأنسي المثلث الأنسي والمثلث العظيم ليس سطحه بمستوٍ، بل وكأنه مركب من المثلثين على زاوية ومنفرجة جدًا.
والخط المتوهم بينهما ما بين رأس المثلث العظيم، وبين طرفي قاعدتي المثلثين اللذين هما جزءاه. وحدبة هذا المثلث العظيم إلى خارج. وتقعيره إلى داخل، أعني داخل البدن. والمثلث الأنسي كبير جدًا بالنسبة إلى الوحشي وضلع المثلث العظيم الأنسي وقاعدته طويل جدًا بالنسبة إلى ضلعه الوحشي وقاعدته ليست خطًا مستقيمًا، بل كأنها ضلعًا مثلث منفرج الزاوية جدًا.
وأحدهما وهو الأنسي قاعدة المثلث الأنسي، وهو طويل بالنسبة إلى الآخر الذي هو قاعدة المثلث الوحشي، والمثلث الأنسي قائم الزاوية التي يوترها الضلع الأنسي من المثلث العظيم، والمثلث الوحشي حاد الزاوية التي يوترها الضلع الوحشي من المثلث العظيم، وضلعا المثلث العظيم ليسا يلتقيان على نقطة بل إذا قربا من الالتقاء امتدا على هيئة خطين متوازيين، ويقطعان بذلك قريبًا من عرض إصبعين ثم ينفرجان فيكون العظم موضع توازيهما أدق، وأعلاه أغلظ وفي أعلاه الحفرة التي يدخل فيها رأس العضد، وعلى الخط المتوهم وهو المشترك، وبين المثلثين أعني الوحشي والأنسي عظم يشبه المثلث قاعدته عند رأس المثلث العظيم وزاويته عند ملتقى قاعدة المثلث الوحشي بقاعدة المثلث الأنسي.
وأجزاء عظم الكتف مختلفة جدًا في الرقة والغلظ، وما سوى مواضع الأضلاع فهو رقيق جدًا، وفي المثلث الأنسي نتوءان يمران كالضلعين أحدهما يتصل بالضلع الذي يوتر الزاوية القائمة، والآخر لا يتصل به بل ينقطع دونه بقدر عرض إصبعين، وبعد الأول منهما على الزاوية القائمة قدر عرض إصبعين وبين الضلعين قدر عرض إصبعين أيضًا. وأما المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم فأرقه أو سطه وعند أعلى الضلع الوحشي جزء يضيق عن طرف الخنصر قليلًا، ويغور قدر عرض إصبع ونصف، وأسفله مستدير وأعلاه ضيق والضلع الأعلى من المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم يميل إلى الجانب الأنسي، ويغلظ عند قاعدته، ويخرج من الجانب الوحشي من رأس الكتف على حافة الحفرة زائدة إلى جانبه الوحشي وإلى فوق قليلًا، وينتؤ لها عنق دقيق عند أو ل خروجها فإذا بعدت قدر ثخن إصبع غلظت وصعد لها رأس على طرف أنملة يتحدب إلى الوحشي ويتقعر إلى الأنسي ويخرج أيضًا من الجانب الوحشي عند قاعدة المثلث الذي على ظهر المثلث العظيم من الضلع الأعلى من ذلك المثلث زائدة تطول حتى تحاذي رأس الكتف أو تتعداه بقدر ثخانة إصبعين ثم يميل إلى الجانب الوحشي، فيخرج إليه قدر ثخانة إصبعين أيضًا وعرض هذه الزائدة قدر عرض إصبع ونصف أعني بذلك من أصابع الإنسان.
قوله: والكتف يستدق من الجانب الوحشي، ويغلظ. أما دقته فلأن الموضع المحتاج فيه هناك إلى الوقاية صغير، ولا كذلك موضع باقي أجزائه وأما غلظه فليكون قويًا ليمكن أن يخلق فيه مفصل اليد، وأما زيادة ثخانة طرفيه فلأجل النقرة التي فيه ليكون مكانها متسعًا.
1 / 38