والثاني: يلزمه أن تكون تلك الجهة غائبة عن حراسة الحواس فتكون هذه الآلات معرضة لحصول الآفات من تلك الجهة كثيرًا فلا بد وأن تكون تلك الجهة هي قدام البدن. فاضطر إلى أن تكون الأضلاع المحيطة بآلات الغذاء منقطعة من قدام، وينبغي أن يكون انقطاعها ذلك بتدريج ليكون على الهيئة التي لا بد منها في التمكن من الانثناء والانعطاف واتساع الموضع ليزيد هذه الآلات لتكون في ذلك مراعاة هذه المنفعة أمر الاحتياط والوقاية ولا كذلك الأضلاع المحيطة بآلات التنفس فإنها موضوعة في أعالي تنور البدن حيث لا يمنع حركة الانثناء والانعطاف ولأن تلك الآلات لا تفتقر إلى تزيد مقدارها كما تحتاج إليه آلات الغذاء فإن أخذ الهواء بالاستنشاق وإن كان إراديًا إلا أن الازدياد منه ليس مما يلتذ به بزيادة الغذاء، فلا يكون هناك ما يدعو إلى التزيد من الاستنشاق كما من جذب الغذاء فلا تفتقر تلك الآلات إلى أن يزداد عظمها بزيادة كثيرة فلذلك جعلت الأضلاع الواقية لها محيطة بها من كل جهة خصوصًا وزيادة شرف هذه الآلات تحوج إلى زيادة الاحتياط عليها فلذلك لم تخلق أضلاعها منقطعة.
قوله: فخلقت الأضلاع السبعة العليا مشتملة على ما فيها ملتقية عند القص محيطة بالعضو الرئيسي من كل جانب الأضلاع عددها أربعة وعشرون ضلعًا من كل جانب اثنا عشر، وليس كما يقال إن النساء نقصن ضلعًا أو أزيد، فإن ذلك من الخرافات وعشرة منها محيطة بآلات الغذاء من كل جانب خمسة، وأربعة عشر محيطة بآلات التنفس، وإنما كانت هذه أكثر مع كون آلات الغذاء وأكبر وذلك لأن هذه الأضلاع ليست تحيط بجميع آلات الغذاء لأن ذلك مما يمنع الانثناء والانعطاف بل إنما يحيط بأعاليها فقط، وذلك المكان يحتوي على أقل من آلات التنفس وأصغر، وأما لم البرهان جعل كل واحد من هذين النوعين بهذا العدد المخصوص فلم يظهر لي إلى الآن، وكأنه مما لا يمكن البرهان عليه وإنما احتيج أن تكون أضلاع الصدر ملتقية عند القص. وكان يمكن أن يتصل كل واحد منهما بنظيره من الجانب الآخر فتتم الإحاطة مع الخفة.
السبب في ذلك أن هذه الأضلاع يحصل لها بعظام القص اتحاد واعتضاد فيشتد بعضها ببعض.
قوله: فكأن أعلاها أقرب مسافة ما بين أطرافها البارزة يعني أن التفاوت في أطوال العالية من أضلاع آلات الغذاء أقل من التفاوت في أطوال السافلة منها وسبب ذلك أن يكون انعطافها على هيئة قطعة من دائرة فإن ذلك أكثره لينًا لسهولة حركة الانثناء والانعطاف إلى قدام، وأبعد عن منال الآفات. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث هيئة أضلاع الصدر والبطن
جملة وتفصيلًا
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والأضلاع السبعة العليا تسمى أضلاع الصدر ... إلى آخر الفصل.
الشرح إن الحيوانات تختلف بحسب هذه العظام فمنها ما ليس له في هذه المواضع عظم البتة
1 / 35