أحدهما: الإعانة على تقطيع الحروف، وذلك أن من الحروف ما إنما يتم على ما ينبغي بأن يخرج بعض الهواء الذي به الصوت من الأنف كالنون. وثانيهما: الإعانة على سهولة خروج الحروف مقطعة ويدل على ذلك ما يحصل من الخلل في الكلام عند انسداد الأنف في الزكام. وأما عبارة الكتاب فليست بجيدة فإنه لم يذكر المنفعة التي تلزمها المنفعتان بل ذكر المنفعتين فقط. قوله: عند الموضع الذي يحاول فيه تقطيع الحروف بمقدار ما يعني بمقدار من الهواء. قوله: المثقوب مطلقًا إلى خلف كالمزمار فلا يتعرض له بالسد، يريد بالمثقوب مطلقًا المثقوب في كل وقت أي الذي لا يسد وقتًا ويفتح وقتًا بل الذي هو مثقوب دائمًا. وقوله: فلا يتعرض له بالسد. معناه، الذي يجب فيه أن لا يتعرض له بالسد، والمنفعة الثالثة: يمكن أن نفعل فيها كما فعلنا فيما قبلها، فيلزمها المنفعتان المذكورتان، وذلك بأن يجعل هذه المنفعة هي الاحتواء على موضع مخرج الفضول ويلزم ذلك أمران: أحدهما: أنها تكون مستورة فلا يصير الإنسان عند خروج المخاط بحال يتقزز منه، وذلك لأنه لولا الأنف لكان المخاط عند خروجه سائلًا على الوجه.
وثانيهما: أن خروجهما يكون سهلًا بسبب الهواء الذي يدفعها بالمزاحمة عندما يخرج بقوة النفخ، واحتيج في تركيب الأنف إلى عظام لأنه لو كان من عضولين كاللحم لكان يعرض للانسداد لو قوع أعلاه على أسفله، ولو كان من عضو متوسط اللين كالغضروف وجعل جرمه رقيقًا تهيأ للارتضاض بسهولة وإن جعل جرمه غليظًا أثقل وأما العظام فلصلابتها يكون الرقيق منها في قوة الغليظ من الغضاريف مع الخفة. وخلق من عظمين لأنه لو كان عظمًا واحدًا كان متهيئًا لسريان الفساد العارض لجزء منه. ولو كان من عظام كثيرة لكان تركيبه ضعيفًا جدًا لأجل رقة جرمه، وخلق من عظمين مثلثين لأن شكله يجب أن يكون بحيث يأخذ الهواء من سعة وينتهي إلى ضيق كما في الباذهنج وذلك ليكون نفوذ الهواء في الثقبين النافذين منه نفوذًا قويًا لأجل ضيق المكان عليه عندهما. وإنما يكون كذلك إذا كان العظمان مثلثين.
وخلق الجزء الرقيق منه في أعلاه. والواسع في أسفله إذ لو عكس ذلك لكان يؤذي في الأبصار. والعظمان يركب كل واحد منهما أحد الدرزين الطرفيين ليكون لجرمهما مداخلة لعظام الفك الأعلى في ذلك الدروز فيكون اتصالهما بهما أقوى. وعلى طرفي عظميه غضروفان.
وقد ذكر الشيخ لذلك منافع أحدها أن لا يكون الجلد ملاقيًا أطراف العظام فيتضرر بصلابتها.
وثانيها: ليمكن أن تنفرجا وتتوسعا عند الحاجة إلى فضل استنشاق كما يعرض في الحميات المحرقة، خصوصًا عند ضعف القوة على استيفاء قدر الحاجة من الهواء بحركة الصدر.
1 / 24