Sharh Tanqih
شرح تنقيح الفصول
Chercheur
طه عبد الرؤوف سعد
Maison d'édition
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٣٩٣ هـ - ١٩٧٣ م
Genres
Usul al-fiqh
معدومًا، بل مستحيلًا، بلا لتقرر لا بد منه، فالحكم هو الكلام وتعلقه الخاص وهما قديمان، وإنما الحادث المتعلق فقط.
ولكنه لا يصير مأمورًا إلا حالة الملابسة، خلافًا للمعتزلة. والحاصل قبل ذلك إعلام بأنه سيصير مأمورًا لأن كلام الله تعالى قديم، والأمر متعلق بذاته فلا يوجد غير متعلق، والأمر بالشيء حالة عدمه محال للجمع بين النقيضين، وحالة إيقاعه محال لتحصيل الحاصل، فيتعين زمن الحدوث.
هذه المسألة لعلها أغمض مسألة في أصول الفقه، والعبارات فيها عسرة التفهم وسر البحث فيها أن الألفاظ اللغوية إنما وضعت لطلب ما هو ممكن من المأمور، فيتعين أن الآمر إنما طلب من المأمور الفعل في زمن ليس فيه عدمه، لأنه لو طلب منه الفعل في زمن فيه عدمه لطلب منه الجمع بين الوجود والعدم وذلك محال. فإذن لم يطلب منه الفعل إلا في
زمان ليس فيه عدمه، وكل زمان ليس فيه عدم الفعل فيه وجوده قطعًا؛ لأن الوجود والعدم لا يمكن ارتفاعهما معًا، وزمن وجود الفعل هو زمن الملابسة، وذلك هو المطلوب.
ومقصودنا بهذا بيان صفة التعلق، لا أن الملابسة شرط في التعلق، وإلا لتعذرت حقيقة العصيان، ولا يوجد عاص أبدًا؛ لأنه يقول الملابسة شرط لكوني مأمورًا وأنا لم ألابس، فشرط الأمر مفقود، فلست مأمورًا؛ فلا أكون عاصيًا بالترك. فحينئذ يتعين أن لا تكون الملابسة شرطًا في تعلق الأمر بالمكلف. بل صفة تعلقه بذلك فقط، أي ما تعلق لما تعلق إلا بإيقاع الفعل في زمان ليس فيه عدمه، وهو عاص إذا ترك؛ لأنه أرم أن يعمر زمانًا مستقبلًا بالفعل بدلًا عن عدمه، فلم يفعل. فمعنى قولنا إنه إنما يصير مأمورًا في حالة الملابسة، أي تلك الحالة هي التي تعلق بها الأمر، وتعلقه متقدم عليها بالفعل فيها.
والمعتزلة يقولون لا ينبغي أن يكون هذا صفة التعلق، لأنه لو تعلق بإيقاع الفعل في زمن الحدوث لتعلق بتحصيل الحاصل، فإن زمن الحدوث زمن وجود، لأنه أول أزمنة الوجود، وأول أزمة الوجود وجود، وطلب الوجود حالة الوجود طلب
1 / 146