Commentaire de Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "وهذه المسألة على أربعة أوجه" لأنه إما أن يكون محل الخيار والثمن كلاهما معلومين، أو محل الخيار معلوما والثمن مجهولا، أو بالعكس، أو كلاهما مجهولين. مثال الأول باع سالما وغانما بألفين كلا منهما بألف صفقة واحدة على أن البائع أو المشتري بالخيار في سالم ثلاثة أيام مثال الثاني: باعهما بألفين على أنه بالخيار في سالم. مثال الثالث باعهما بألفين كلا منهما بألف على أنه بالخيار في أحدهما. مثال الرابع باعهما بألفين على أنه بالخيار في أحدهما من غير تعيين لثمن كل واحد ولا لما فيه الخيار فرعاية شبه النسخ أعني: كون محل الخيار داخلا في الإيجاب تقتضي صحة البيع في الصور الأربع؛ لأن كلا من العبدين بالنظر إلى الإيجاب مبيع بيعا واحدا، فلا يكون بيعا بالحصة ابتداء بل بقاء، ورعاية شبه الاستثناء أعني: كون محل الخيار غير داخل في الحكم تقتضي فساد البيع في الصور الأربع لوجود الشرط الفاسد في الأولى مع جهالة الثمن في الثانية، وجهالة المبيع في الثالثة، وجهالتهما في الرابعة فلرعاية الشبهين صح البيع في الصورة الأولى دون الثلاثة الباقية أعني: صح في الأولى رعاية لشبه النسخ، ولم يصح في البواقي رعاية لشبه الاستثناء، ووجه الاختصاص أن معلومية محل الخيار، والثمن ترجح جانب الصحة فيلائم شبه النسخ المقتضي للصحة، وجهالة محل الخيار أو الثمن أو كليهما ترجح جانب الفساد فيلائم شبه الاستثناء، وقد يقال إن في كل من الصور عملا بالشبهين. أما في الأولى فلأن شبه الاستثناء أيضا يوجب صحتها لكونه استثناء معلوما. وأما في الثانية فلأن شبه النسخ يوجب لزوم العقد في غير محل الخيار؛ لأن جهالة الثمن طارئة، وشبه الاستثناء يوجب فساده فلا يثبت الجواز بالشك. وأما في الأخيرين فلأن شبه الاستثناء يوجب فساد العقد، وشبه النسخ يوجب انعقاده في العبدين فلا ينعقد بالشك، وفيه نظر أما أولا فلأن معنى شبه الاستثناء أن محل الخيار غير داخل في الحكم فيكون بهذا فصل: في ألفاظه، وهي إما عام بصيغته، ومعناه كالرجال، وإما عام بمعناه، وهذا إما أن يتناول المجموع كالرهط، والقوم، وهو في معنى الجمع أو كل واحد على سبيل الشمول نحو من يأتيني فله درهم أو على سبيل البدل نحو من يأتيني أولا فله درهم فالجمع، وما في معناه يطلق على الثلاثة فصاعدا لأن أقل الجمع ثلاثة، وعند البعض اثنان لقوله تعالى: {فإن كان له إخوة} ، والمراد اثنان وقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما}، وقوله عليه الصلاة والسلام: "الاثنان فما فوقهما جماعة"، ولنا إجماع أهل اللغة في اختلاف صيغ الواحد، والتثنية، والجمع. ولا نزاع في الإرث، والوصية فإن أقل الجمع فيهما اثنان. وقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} مجاز كما يذكر الجمع للواحد. والحديث محمول على المواريث أو على سنية تقدم الإمام أو على اجتماع الرفقة بعد قوة الإسلام ولا تمسك لهم بنحو فعلنا لأنه مشترك بين التثنية، والجمع لا أن المثنى جمع فيصح تخصيص الجمع وما في معناه إلى الثلاثة، والمفرد كالرجل، وما في معناه نحو لا أتزوج النساء إلى الواحد والطائفة كالمفرد.
هذا ينافي معنى العموم "لأن أقل الجمع ثلاثة"، وعند البعض اثنان لقوله تعالى: {فإن كان له إخوة} [النساء:11]، والمراد اثنان وقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} [التحريم:4]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "الاثنان فما فوقهما جماعة" 1، ولنا إجماع أهل اللغة في اختلاف صيغ الواحد، والتثنية، والجمع. "ولا نزاع في الإرث، والوصية" فإن أقل الجمع فيهما اثنان. "وقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} [التحريم:4]" مجاز كما يذكر الجمع للواحد. "والحديث محمول على المواريث أو على سنية تقدم الإمام" فإنه إذا كان المقتدي واحدا يقوم على جنب الإمام، وإذا كان اثنين فصاعدا فالإمام يتقدم "أو على اجتماع الرفقة بعد قوة الإسلام" فإنه لما كان الإسلام ضعيفا نهى عليه السلام عن أن يسافر واحد أو اثنان لقوله عليه السلام: "الواحد شيطان، والاثنان 2 شيطانان، والثلاثة ركب" فلما ظهر قوة الإسلام رخص في سفر اثنين.
...................................................................... ..........................
الاعتبار غير مبيع فيكون قبوله شرطا فاسدا مفسدا للبيع، ومعلومية الاستثناء لا تدفع ذلك؛ ولهذا جعل الاستثناء في صورة جهالة الثمن وحده موجبا للفساد مع أنه معلوم. وأما ثانيا فلأن الأصل في العقود هو الانعقاد والجواز إذا لم توضع في الشرع إلا لذلك فعلى ما ذكره يلزم أن لا يثبت الفساد في شيء من الصور؛ لأنه لا يثبت بالشك.
1 رواه البخاري في كتاب الأذان باب 035النسائي في كتاب الإقامة باب 045 ابن ماجه في كتاب الإقامة باب 045 ابن ماجه في كتاب الإقامة باب 044
2 رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب 079الموطأ في كتاب الأستئذان حديث 035أحمد في مسنده " 2/186،214" بلفظ: " الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب".
Page 87