الوجوب وكلما دل القياس على الجواز يثبت الجوار فالملازمة التي هي إحدى مقدمتي الدليل تكون من مسائل أصول الفقه بطريق التضمن، ثم اعلم أن كل دليل من الأدلة الشرعية إنما يثبت به الحكم إذا كان مشتملا على شرائط تذكر في موضعها، ولا يكون الدليل منسوخا، ولا يكون له معارض مساو أو راجح. ويكون القياس قد أدى إليه رأي مجتهد حتى لو خالف إجماع المجتهدين يكون باطلا فالقضية المذكورة سواء جعلناها كبرى أو ملازمة إنما تصدق كلية إذا اشتملت على هذه القيود فالعلم بالمباحث المتعلقة بهذه القيود يكون علما
...................................................................... ..........................
قوله: "ولا يقال إلى الفقه"؛ لأن المقلد يتوصل بقواعده إلى مسائل الفقه لا إلى الفقه الذي هو العلم بالأحكام عن أدلتها الأربعة؛ لأن علمه بها ليس عن أدلتها الأربعة.
قوله: "يبحث في هذا العلم عن الأدلة الشرعية والأحكام" يعني عن أحوالهما عن حذف المضاف، إذ لا يبحث في العلم عن نفس الموضوع، بل عن أحواله وعوارضه إلا أن حذف هذا المضاف شائع في عبارة القوم.
قوله: "فموضوع هذا العلم" المراد بموضوع العلم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية والمراد بالعرض هاهنا المحمول على الشيء الخارج عنه وبالعرض الذاتي ما يكون منشؤه الذات بأن يلحق الشيء لذاته كالإدراك للإنسان أو بواسطة أمر يساويه كالضحك للإنسان بواسطة تعجبه أو بواسطة أمر أعم منه داخل فيه كالتحرك للإنسان بواسطة كونه حيوانا والمراد بالبحث عن الأعراض الذاتية حملها على موضوع العلم كقولنا الكتاب يثبت الحكم قطعا أو على أنواعه كقولنا الأمر يفيد الوجوب أو على أعراضه الذاتية كقولنا العام يفيد القطع أو على أنواع أعراضه الذاتية كقولنا العام الذي خص منه البعض يفيد الظن وجميع مباحث أصول الفقه راجعة إلى إثبات الأعراض الذاتية للأدلة والأحكام من حيث إثبات الأدلة للأحكام وثبوت أحكام بالأدلة بمعنى أن جميع محمولات مسائل هذا الفن هو الإثبات والثبوت وما له نفع ودخل في ذلك فيكون موضوعه الأدلة الأحكام من حيث إثبات الأدلة للأحكام وثبوت الأحكام بالأدلة، فإن قلت فما بالهم يجعلون من مسائل الأصول إثبات الإجماع والقياس للأحكام ويجعلون منها إثبات الكتاب والسنة لذلك قلت؛ لأن المقصود بالنظر في الفن هي الكسبيات المفقرة إلى الدليل وكون الكتاب والسنة حجة بمنزلة البديهي في نظر الأصول لتقرره في الكلام وشهرته بين الأنام بخلاف الإجماع والقياس ولهذا تعرضوا لما ليس إثباته للحكم بينا كالقراءة الشاذة وخبر الواحد.
قوله: "وأما الثالث" يعني العوارض الذاتية التي لا تكون مبحوثا عنها في هذا العلم ولا دخل لها في لحوق ما هي مبحوث عنها من القسمين يعني قسمي العوارض التي للأدلة والعوارض التي للأحكام، وذلك كالإمكان والقدم والحدوث والبساطة والتركيب وكون الدليل جملة اسمية أو فعلية ثلاثية مفرداته أو رباعية معربة أو مبنية إلى غير ذلك مما لا دخل له في الإثبات والثبوت فلا يبحث عنها في الأصول، وهذا كما أن النجار ينظر في الخشب من جهة صلابته ورخاوته ورقته وغلظه واعوجاجه واستقامته ونحو ذلك مما يتعلق بصناعته لا من جهة إمكانه وحدوثه وتركبه وبساطته ونحو ذلك.
Page 37