296

Commentaire de Talwih

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

Genres

الفعل الذي هو جزؤهما" أي الإباحة، والوجوب "لا على جواز الترك الذي به المباينة لكن يثبت ذا لعدم الدليل على حرمة الترك التي هي جزء آخر للوجوب"، وهذا بحث دقيق ما مسه إلا خاطري

...................................................................... ..........................

فإن قلت: الوجوب هو الخطاب الدال على طلب الفعل، ومنع النقيض أو الأثر الثابت به أعني كون الفعل مطلوبا ممنوع الترك أو كونه بحيث يحمد فاعله، ويذم تاركه شرعا أو كونه بحيث يثاب فاعله، ويعاقب أو يستحق العقاب تاركه فلا نسلم أن جواز الفعل جزء من مفهومه، وما نقل عن المصنف رحمه الله تعالى من أن عدم المعاقبة جزء له، وهو عبارة عن جواز الفعل فممنوع بمقدمتيه. قلت: هذا مبني على أن الوجوب هو عدم الحرج في الفعل مع الحرج في الترك، والإباحة هو عدم الحرج لا في الفعل، ولا في الترك، وأن المأذون فيه جنس للواجب، والمباح، والمندوب، والمراد بجواز الفعل هو عدم الحرج فيه، وهو كونه مأذونا فيه، والمناقشة في أمثال ذلك مما لا تليق بهذه الصناعة. ألا يرى أن قولهم الأمر حقيقة في الوجوب ليس معناه أن وجوب القيام مثلا هو المدلول المطابق للفظ قم بل معناه أنه لطلب القيام على سبيل اللزوم، والمنع عن الترك. فإن قلت قد صرحوا باستعمال الأمر في الندب، والإباحة، وإرادتهما منه، ولا ضرورة في حمل كلامهم على أن المراد أنه يستعمل في جنس الندب، والإباحة عدولا عن الظاهر، وما ذكر أن الأمر لا يدل على جواز الترك أصلا إن أراد بحسب الحقيقة فغير مفيد، وإن أراد بحسب المجاز فممنوع لم لا يجوز أن يستعمل اللفظ الموضوع لطلب الفعل جزما في طلب الفعل مع إجازة الترك. والإذن فيه مرجوحا أو مساويا بجامع اشتراكهما في جواز الفعل والإذن فيه قلت كما صرحوا باستعمال الأسد في الإنسان الشجاع، وإرادته منه فإن ذلك من حيث إنه من أفراد الشجاع لا من حيث إن لفظ الأسد يدل على ذاتيات الإنسان كالناطق مثلا فإذا كان الجامع هاهنا هو جواز الفعل، والإذن فيه، ويثبت خصوصية كونه مع جواز الترك أو بدونه بالقرينة كما أن الأسد يستعمل في الشجاع ويعلم كونه إنسانا بالقرينة ألا يرى أنه لا يجوز إطلاق لفظ الإنسان على الفرس بجامع كونه حيوانا أو ماشيا أو نحو ذلك بل قد يطلق على مطلق الحيوان من غير دلالة على خصوصه.

وبالجملة لا يخفى على المتأمل المنصف الفرق بين صيغة افعل، ولا تفعل عند قصد الإباحة بأن مدلول الأول جواز الفعل، ومدلول الثاني جواز الترك لا أن مدلول كل منهما جواز الفعل مع جواز الترك فإن قلت فعلى هذا لا فرق بين قولنا: هذا الأمر للندب، وقولنا هو للإباحة، إذ المراد أنه مستعمل في جواز الفعل قلت: المراد بكونه للندب أنه مستعمل في جواز الفعل مع قرينة دالة على أولوية الفعل، والمراد بكونه للإباحة أنه خال عن ذلك كما إذا قلنا يرمى الحيوان أو يطير حيوان فإن مدلول اللفظ واحد إلا أن الأول مستعمل في الإنسان، والثاني في الطير، ولا يخفى أن هذا البحث الدقيق لا يتم إلا بما ذكرنا من التحقيق.

Page 297