بالأفعال المذكورة أفعال الجوارح ووجوب الاعتبار أي القياس حكم مع أنه ليس من أفعال الجوارح. "ويقع التكرار بين العملية وبين المتعلق بأفعال المكلفين"؛ لأنه قال في حد الفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية والحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين فيكون حد الفقه العلم بخطابات الله تعالى المتعلقة بأفعال المكلفين الشرعية العملية فيقع التكرار "إلا أن يقال نعني بالأفعال ما يعم فعل الجوارح وفعل القلب وبالعملية ما يختص بالجوارح" فاندفع بهذه العناية التكرار وخرج جواب الإشكال المتقدم، وهو قوله يخرج نحو آمنوا وفاعتبروا؛ لأنهما من أفعال القلب. "والشرعية ما لا تدرك لولا خطاب الشارع" سواء كان الخطاب واردا في عين هذا الحكم أو واردا في صورة يحتاج إليها هذا الحكم كالمسائل القياسية فتكون أحكامها شرعية إذ لولا خطاب الشارع في المقيس عليه لا يدرك الحكم في المقيس "فيدخل في حد الفقه حسن كل فعل وقبحه عند نفاة كونهما عقليين " اعلم أن عندنا وعند جمهور المعتزلة حسن بعض الأفعال وقبحها يدركان عقلا وبعضها لا بل يتوقف على
...................................................................... ..........................
ويلزم أن يكون العلم به من الفقه ويمكن أن يقال إن التقييد بالعملية يقيد إخراج مثل جواز الإجماع ووجوب القياس، وهو حكم شرعي.
قوله: "والشرعية ما لا يدرك لولا خطاب الشارع" بنفس الحكم أو بأصله المقيس هو عليه فيخرج عنها وجوب الإيمان ويدخل مثل كون الإجماع أو القياس حجة على تقدير أن يكون حكما، وإنما لم يفسر الشرعية بما ورد به خطاب الشرع؛ لأن التقدير أن الحكم مفسر بخطاب الله تعالى إلى آخره وحينئذ يكون تقييده بالشرع تكرارا أو عند الأشاعرة ما ورد به خطاب الشرع في قوله ما لا يدرك لولا خطاب الشرع، إذ لا مجال للعقل في درك الأحكام فلو كان خطاب الله تعالى إلى آخره تعريفا للحكم على ما زعم المصنف لا للحكم الشرعي لكان ذكر الشرعي تكرارا ألبتة أي تفسير فسر.
قوله: "فيدخل" يريد أن تعريف الفقه على رأي الأشاعرة شامل للعلم عن دليل بحسن الجود والتواضع أي وجوبهما أو ندبهما وقبح البخل والتكبر أي حرمتهما أو كراهتهما وما أشبه ذلك؛ لأنها أحكام لا تدرك لولا خطاب الشرع على رأيهم مع أن العلم بها من علم الأخلاق لا من علم الفقه وأقول إنما يلزم ذلك لو كانت هذه الأحكام عملية بالمعنى المذكور، وهو ممنوع. كيف والأمور المذكورة أخلاق ملكات نفسانية جعل المصنف العلم بحسنها وقبحها من علم الأخلاق وقد صرح فيما سبق بأنه يزاد عملا على معرفة النفس ما لها وما عليها ليخرج علم الأخلاق وبأن معرفة ما لها وما عليها من الوجدانيات أي الأخلاق الباطنية والملكات النفسانية علم الأخلاق، ومن العمليات علم الفقه فكأنه نسي ما ذكره ثمة أو ذهل عن قيد العملية هاهنا.
Page 28