Commentaire de Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genres
قوله: "واعلم أنه قد يعتبر" يعني أن المعتبر في المجاز وجود العلاقة المعلوم اعتبار نوعها في استعمالات العرب، ولا يشترط اعتبارها بشخصها حتى يلزم في آحاد المجازات أن تنقل بأعيانها عن أهل اللغة، وذلك لإجماعهم على أن اختراع الاستعارات الغريبة البديعة التي لم تسمع بأعيانها من فقط فعندهما هذا ابني إذا كان مجازا خلف عن هذا ابني إذا كان حقيقة في حق الحكم أي حكمه المجازي خلف عن حكمه الحقيقي وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى هذا اللفظ خلف عن عين هذا اللفظ لكن بالجهتين فعلى كلا المذهبين الأصل هذا ابني والخلاف في الجهة فقط عندهما من حيث الحكم وعنده من حيث اللفظ ولو كان المراد أن هذا ابني خلف عن هذا حر فالخلاف يكون في الأصل والخلف لا في جهة الخلفية فقط والأمر الثاني أن فخر الإسلام رحمه الله تعالى قال إنه يشترط صحة الأصل من حيث إنه مبتدأ وخبر موضوع للإيجاب بصيغته وقد وجد ذلك فإذا وجد وتعذر العمل بحقيقته أي بالمعنى الحقيقي، فصحة الأصل من حيث إنه مبتدأ وخبر وتعذر العمل بالمعنى الحقيقي مخصوصان بهذا ابني فأما هذا حر فإنه صحيح مطلقا والعمل بحقيقته غير متعذر فعلم أن الأصل هذا ابني مرادا به البنوة فحاصل الخلاف أنه إذا استعمل لفظ وأريد به المعنى المجازي هل يشترط إمكان المعنى الحقيقي بهذا اللفظ أم لا فعندهما يشترط فحيث يمنع المعنى الحقيقي لا يصح المجاز وعنده لا بل يكفي صحة اللفظ من حيث العربية "لهما أن في المجاز ينتقل الذهن من الموضوع له إلى لازمه فالثاني" أي اللازم "موقوف على الأول" أي الموضوع له فيكون اللازم خلفا وفرعا للموضوع له وهذا هو المراد بالخلفية في حق الحكم "فلا بد من إمكانه" أي إمكان الأول وهو المعنى الموضوع له لتوقف المعنى المجازي عليه.
...................................................................... ..........................
أهل اللغة هو من طرق البلاغة، وشعبها التي بها ترتفع طبقة الكلام فلو لم يصح لما كان كذلك، ولهذا لم يدونوا المجازات تدوينهم الحقائق، وتمسك المخالف بأنه لو جاز التجوز بمجرد وجود العلاقة لجاز إطلاق نخلة لطويل غير إنسان للمشابهة، وشبكة للصيد للمجاورة، والأب للابن للسببية، والابن للأب للمسببية، واللازم باطل اتفاقا، وأجيب بمنع الملازمة فإن العلاقة مقتضية للصحة، والتخلف عن المقتضى ليس بقادح لجواز أن يكون لمانع مخصوص فإن عدم المانع ليس جزءا من المقتضى، وذهب المصنف إلى أنه لم تجز استعارة نخلة لطول غير إنسان لانتفاء شرط الاستعارة، وهو المشابهة في أخص الأوصاف أي فيما له مزيد اختصاص بالمشبه به كالشجاعة للأسد فإن قيل الطول للنخلة كذلك، وإلا لما جاز استعارتها لإنسان طويل قلنا لعل الجامع ليس مجرد الطول بل مع فروع، وأغصان في أعاليها، وطراوة، وتمايل فيها.
قوله: "مسألة" لا خلاف في أن المجاز خلف عن الحقيقة أي فرع لها بمعنى أن الحقيقة هي الأصل الراجح المقدر في الاعتبار، وإنما الخلاف في جهة الخلفية فعندهما هي الحكم حتى يشترط في المجاز إمكان المعنى الحقيقي لهذا اللفظ، وعنده التكلم حتى يكفي صحة اللفظ من حيث العربية سواء صح معناه أو لا فقول القائل هذا ابني لعبد معروف النسب مجاز اتفاقا إن كان أصغر منه سنا، وإن كان أكبر منه فعنده مجاز يثبت به العتق لصحة اللفظ وعندهما لغو لاستحالة المعنى الحقيقي، وهو أن يكون الأكبر مخلوقا من نطفة الأصغر.
Page 153