Explication de l'Apparition du Soleil sur l'Alfiyya
شرح طلعة الشمس على الألفية
Genres
ينقسم المجاز إلى شرعي كالصلاة في الدعاء، والصيام في مطلق الإمساك، والحج في نفس القصد، فإن هذه الألفاظ قد نقلها الشرع عن معناها اللغوي، وصارت وحقيقة شرعية في الأشياء التي سماها بها الشرع، فهي في مسمياتها الأصلية مجاز شرعي، وإلى لغوي كإطلاق الصلاة، والصيام، والحج على العبادات المخصوصة، فإن مسمياتها هذه الألفاظ في اللغة هي غير هذه العبادات فإطلاقها على هذه العبادات مجاز لغوي، وإن صارت حقيقة شرعية فهذه الاسماء، ونحوها تكون حقيقة لغوية في معناها اللغوي، وحقيقة شرعية في معناها الشرعي، ومجازا شرعيا في موضوعها اللغوي، ومجازا لغويا في مسماها الشرعي، وإلى مجاز عرفي كإطلاق الدابة على كل ما يدب من ذوات الأربع، وغيرها، فإن العرف خصص اسم الدابة بذوات الأربع فإطلاقه عليها وعلى غيرها استعمال له في غير ما وضع له عرفا، وهكذا في جميع ما نقله العرف إلى شيء مخصوص، ثم استعمل في غير ذلك الشيء لعلاقة، وإنما صح لنا هذا التقسيم في المجاز بناء على أن المعتبر في المجاز نوع العلاقة لا شخصها، ومن ها هنا قال بعض أصحابنا؛ وهو موسى بن علي في رجل أنكح رجلا امرأة فقال: اشهدوا أن فلانا أدى إلى فلانة كذا، وكذا، وعلى ظهره كذا، وكذا، وقد أعطيناه فلانة، أوقد وهبنا له فلانة اسم المرأة، قال موسى وهو جائز، وقال أبو عبد الله محمد بن محبوب -رضي الله عنه- أن قال المزوج قد زوجتك، أو ملكتك، أو أخطبتك، أو أنكحتك، فكل ذلك جائز، وقال أبو المؤثر: أما قوله أنكحت، أو أملكت فثابت، وأما قوله أخطبت فإن جاز بها لم أفرق بينها، وإن لم يكن جاز بها فأحب إلى أن يجدد النكاح، فهذا أبو موسى بن علي -رضي الله عنه- أجاز في التزويج أملكتك، وأخطبتك، وأجاز أبو المؤثر في التزويج أملكتك، وتوقف في أخطبتك، وجميع هذه الألفاظ مجاز عن لفظ أنكحتك، وذلك أن لفظ الهبة، والعطية، والتمليك، إنما وضعت لملك الرقبة، ووضع النكاح لملك المتعة، وملك الرقبة سبب لملك المتعة، ولما كان ملك الرقبة متعذرا في الحرة صرفت هذه الألفاظ إلى ملك المتعة فهي من إطلاق اسم السبب على المسبب، وأما أخطبتك فموضوع للكلام المقدم على التزويج المؤذن بإجابة ولي المرأة للزوج يقال خطبت فلانة من فلان فأخطبنيها فهو سبب أيضا للتزويج وإطلاقه على النكاح من إطلاق السبب على المسبب، لكن السببية هنا أضعف منها في الألفاظ، الأول: فلهذا توقف فيه أبو المؤثر -رحمه الله- ولم يتوقف في أملكتك، لما تقدم وعلى هذا المذهب الحنفية، وذهب بعض أصحابنا، والشافعية، إلى منع التجوز في عقد النكاح، قال في الضياء: ومن وهب ابنته، أو ابنة عمه، أو من يلي نكاحه لرجل وقبل الرجل المرأة، ودخل بها فليس هذا بنكاح ولو شهد الشهود على الهبة فالزوج لا يوهب ويفرق بينهما، ولا تحل له أبدا، ولها صداق نسائها إذا دخل بها، وإنما كانت الهبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- خالصة وحاصل المقام أن مانع التجوز في عقد النكاح من أصحابنا وغيرهم لم يمنعوا التجوز رأسا لكن منعوه في التزويج لشيئين أحدهما قوله تعالى في امرأة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم خالصة لك من دون المؤمنين ووجه استدلالهم من هذه الآية أن الهبة جعلها ربنا تعالى خالصة لنبيه عليه الصلاة والسلام ومنعها من سائر المؤمنين وثانيهما أن النكاح عقد شرع لمصالح مشتركة كالنسب وعدم انقطاع النسل والاجتناب عن الزنا وتحصيل الإحصان واستمداد كل منهما في المعيشة بالآخر ووجوب النفقة والمهر وحرمة المصاهرة وجريان التوارث ولفظ النكاح والتزويج واف بالدلالة على هذه المقاصد لكونه منبئا عن الضم والاتحاد بينهما.
Page 211