160

Sharh Sunna

شرح السنة

Chercheur

شعيب الأرنؤوط-محمد زهير الشاويش

Maison d'édition

المكتب الإسلامي - دمشق

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م

Lieu d'édition

بيروت

قَالَ الشَّيْخُ، ﵀: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﷾: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الرّوم: ٣٠] أَيْ: لَا تَبْدِيلَ لِتِلْكَ الْخِلْقَةِ الَّتِي خَلَقَهُمْ لَهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، وَخَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ».
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ إِنَّمَا يُولَدُ فِي مَبْدَإِ الْخِلْقَةِ عَلَى الْفِطْرَةِ، أَيْ: عَلَى الْجِبِلَّةِ السَّلِيمَةِ، وَالطَّبْعِ الْمُتَهَيِّئِ لِقَبُولِ الدِّينِ، فَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهَا، لاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومِهَا، وَلَمْ يُفَارِقْهَا إِلَى غَيْرِهَا، لأَنَّ هَذَا الدِّينَ مَوْجُودٌ حُسْنُهُ فِي الْعُقُولِ، وَبِشْرُهُ فِي النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ مَنْ يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِ لآفَةٍ مِنْ آفَاتِ النّشُوءِ وَالتَّقْلِيدِ، فَلَوْ سَلِمَ الْمَوْلُودُ مِنْ تِلْكَ الآفَاتِ لَمْ يَعْتَقِدْ غَيْرَهُ، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِأَوْلادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَاتِّبَاعِهِمْ لآبَائِهِمْ، وَالْمَيْلِ إِلَى أَدْيَانِهِمْ، فَيَزُولُونَ بِذَلِكَ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ، وَعَنِ الْمَحَجَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُوجِبُ حُكْمَ الإِيمَانِ لَهُ، إِنَّمَا هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَإِخْبَارٌ عَنْ سِرِّ مَحَله مِنَ الْعُقُولِ، وَحُسْنِ مَوْقِعِهِ فِي النُّفُوسِ.
هَذَا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِهِ.

1 / 160