بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
أخبرنَا الْفَقِيه الإِمَام شمس الدّين أَبُو الْعِزّ يُوسُف بن عمر بن أبي نصر الهكاري فِي شهر صفر سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة قَالَ حَدثنَا الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ الثِّقَة بَقِيَّة السّلف أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن عِيسَى بن درباس الماراني من لَفظه بالموصل فِي تَاسِع عشر من جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة قَالَ أخبرنَا الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمد بن مفرج بن غياث الأرتاحي راءتي عَلَيْهِ بفسطاط مصر قَالَ أخبرنَا الشَّيْخ الْمسند الْعَالم أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عمر الْموصِلِي الْفراء فِيمَا أذن فِيهِ لي ح
قَالَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان وَأخْبرنَا الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه الْحَافِظ أَبُو طَاهِر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سلفة الْأَصْبَهَانِيّ السلَفِي فِي كِتَابه إِلَيْنَا من الْإسْكَنْدَريَّة فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين وَخَمْسمِائة
1 / 71
قَالَ أخبرنَا الشريف أَبُو مُحَمَّد عبد الْملك بن الْحسن بن بتنة الْأنْصَارِيّ بِمَكَّة بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي سنة تسع وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة قَالَا أخبرنَا ابو عبد الله الْحُسَيْن ابْن عَليّ النسوى الْفَقِيه قدم علينا مَكَّة اخبرنى أَبُو مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن رَجَاء ابْن سعيد الْعَسْقَلَانِي بعسقلان أَخْبرنِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن الْمَلْطِي وَأَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم القيسراني قَالَا أخبرنَا أَحْمد بن بكر اليازوري قَالَ حَدثنِي الْحسن بن عَليّ اليازوري الْفَقِيه حَدثنِي عَليّ بن عبد الله الْحلْوانِي قَالَ كنت بطرابلس الْمغرب فَذكرت أَنا وَأَصْحَاب لنا السّنة إِلَى أَن ذكرنَا أَبَا
1 / 72
إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ ﵀ فَقَالَ بعض أَصْحَابنَا بَلغنِي أَنه كَانَ يتَكَلَّم فِي الْقُرْآن وَيقف عِنْده وَذكر آخر أَنه يَقُوله إِلَى ان اجْتمع مَعنا قوم آخَرُونَ فغم النَّاس ذَلِك غما شَدِيدا فكتبنا إِلَيْهِ كتابا نُرِيد أَن نستعلم مِنْهُ يكْتب إِلَيْنَا شرح السّنة فِي الْقدر والإرجاء وَالْقُرْآن والبعث والنشور والموازين وَفِي النّظر فَكتب إِلَيْنَا
1 / 73
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
عصمنا الله وَإِيَّاكُم بالتقوى ووفقنا وَإِيَّاكُم لموافقة الْهدى أما بعد فَإنَّك أصلحك الله سَأَلتنِي أَن أوضح لَك من السّنة أمرا تصبر نَفسك على التَّمَسُّك بِهِ وتدرأ بِهِ عَنْك شبه الْأَقَاوِيل وزيغ محدثات الضَّالّين وَقد شرحت لَك منهاجا موضحا منيرا لم آل نَفسِي وَإِيَّاك فِيهِ نصحا بدأت فِيهِ بِحَمْد الله ذِي الرشد والتسديد
الْحَمد لله أَحَق من ذكر وَأولى من شكر وَعَلِيهِ أثني الْوَاحِد الصَّمد الَّذِي لَيْسَ لَهُ صَاحِبَة وَلَا ولد جلّ عَن المثيل فَلَا شَبيه لَهُ وَلَا عديل السَّمِيع الْبَصِير الْعَلِيم الْخَبِير المنيع الرفيع
1 / 74
الْعُلُوّ
١ - عَال على عَرْشه فِي مجده بِذَاتِهِ وَهُوَ دَان بِعِلْمِهِ من خلقه أحَاط علمه بالأمور وأنفذ فِي خلقه سَابق الْمَقْدُور وَهُوَ الْجواد الغفور ﴿يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور﴾
1 / 75
الْقَضَاء وَالْقدر
٢ - فالخلق عاملون بسابق علمه ونافذون لما خلقهمْ لَهُ من خير وَشر لَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ من الطَّاعَة نفعا وَلَا يَجدونَ إِلَى صرف الْمعْصِيَة عَنْهَا دفعا
الْمَلَائِكَة
٣ - خلق الْخلق بمشيئته عَن غير حَاجَة كَانَت بِهِ فخلق الْمَلَائِكَة جَمِيعًا لطاعته وجبلهم على عِبَادَته فَمنهمْ مَلَائِكَة بقدرته للعرش حاملون وَطَائِفَة مِنْهُم حول عَرْشه يسبحون وَآخَرُونَ بِحَمْدِهِ يقدسون وَاصْطفى مِنْهُم رسلًا إِلَى رسله وَبَعض مدبرون لأَمره
آدم ﵇
٤ - ثمَّ خلق آدم بِيَدِهِ وَأَسْكَنَهُ جنته وَقبل ذَلِك للْأَرْض خلقه وَنَهَاهُ عَن
1 / 76
شَجَرَة قد نفذ قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ بأكلها ثمَّ ابتلاه بِمَا نَهَاهُ عَنهُ مِنْهَا ثمَّ سلط عَلَيْهِ عدوه فأغواه عَلَيْهَا وَجعل أكله لَهَا إِلَى الأَرْض سَببا فَمَا وجد إِلَى ترك أكلهَا سَبِيلا وَلَا عَنهُ لَهَا مذهبا
الْجنَّة وَالنَّار
٥ - ثمَّ خلق للجنة من ذُريَّته أَهلا فهم بأعمالها بمشيئته عاملون وبقدرته وبإرادته ينفذون
وَخلق من ذُريَّته للنار أَهلا فخلق لَهُم أعينا لَا يبصرون بهَا وآذانا لَا يسمعُونَ بهَا وَقُلُوبًا لَا يفقهُونَ بهَا فهم بذلك عَن الْهدى محجوبون وبأعمال أهل النَّار بسابق قدره يعْملُونَ
الْإِيمَان
٦ - وَالْإِيمَان قَول وَعمل مَعَ اعْتِقَاده بالجنان قَول بِاللِّسَانِ وَعمل
1 / 77
بالجوارح والأركان وهما سيان ونظامان وقرينان لَا نفرق بَينهمَا لَا إِيمَان إِلَّا بِعَمَل وَلَا عمل إِلَّا بِإِيمَان
والمؤمنون فِي الْإِيمَان يتفاضلون وبصالح الْأَعْمَال هم متزايدون وَلَا يخرجُون بِالذنُوبِ من الْإِيمَان وَلَا يكفرون بركوب كَبِيرَة وَلَا عصيان وَلَا نوجب لمحسنهم الْجنان بعد من أوجب لَهُ النَّبِي ﷺ وَلَا نشْهد على مسيئهم بالنَّار
الْقُرْآن
٧ - وَالْقُرْآن كَلَام الله ﷿ وَمن لَدنه وَلَيْسَ بمخلوق
1 / 78
فيبيد
الصِّفَات
٨ - وكلمات الله وقدرة الله ونعته وَصِفَاته كاملات غير مخلوقات دائمات أزليات وَلَيْسَت بمحدثات فتبيد وَلَا كَانَ رَبنَا نَاقِصا فيزيد
جلت صِفَاته عَن شبه صِفَات المخلوقين وَقصرت عَنهُ فطن
1 / 79
الواصفين قريب بالإجابة عِنْد السُّؤَال بعيد بالتعزز لَا ينَال
عَال على عَرْشه بَائِن من خلقه مَوْجُود وَلَيْسَ بمعدوم وَلَا بمفقود
الْآجَال
٩ - والخلق ميتون بآجالهم عِنْد نفاد أَرْزَاقهم وَانْقِطَاع آثَارهم
الْقَبْر
١٠ - ثمَّ هم بعد الضغطة فِي الْقُبُور مساءلون
1 / 80
النشور والحساب
١١ - وَبعد البلى منشورون وَيَوْم الْقِيَامَة إِلَى رَبهم مَحْشُورُونَ ولدى الْعرض عَلَيْهِ محاسبون بِحَضْرَة الموازين وَنشر صحف الدَّوَاوِين أَحْصَاهُ الله ونسوه فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة لَو كَانَ غير الله ﷿ الْحَاكِم بَين خلقه لكنه الله يَلِي الحكم بَينهم بعدله بِمِقْدَار القائلة فِي الدُّنْيَا وَهُوَ أسْرع الحاسبين كَمَا بدأه لَهُم من شقاوة
1 / 81
وسعادة يَوْمئِذٍ يعودون فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير
الْجنَّة
١٢ - وَأهل الْجنَّة يَوْمئِذٍ فِي الْجنَّة يتنعمون وبصنوف اللَّذَّات يتلذذون وبأفضل الكرامات يحبرون
الرُّؤْيَة
١٣ - فهم حِينَئِذٍ إِلَى رَبهم ينظرُونَ لَا يمارون فِي النّظر إِلَيْهِ وَلَا يَشكونَ فوجوههم بكرامته ناضرة وأعينهم بفضله إِلَيْهِ ناظرة فِي نعيم دَائِم مُقيم و﴿لَا يمسهم فِيهَا نصب وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين﴾
1 / 82
أكلهَا دَائِم وظلها تِلْكَ عُقبى الَّذِي اتَّقوا وعقبى الْكَافرين النَّار وَأهل الْجحْد ﴿عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون﴾ وَفِي النَّار يسجرون ﴿لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله عَلَيْهِم وَفِي الْعَذَاب هم خَالدُونَ﴾ و﴿لَا يقْضى عَلَيْهِم فيموتوا وَلَا يُخَفف عَنْهُم من عَذَابهَا كَذَلِك نجزي كل كفور﴾ الْآيَة خلا من شَاءَ الله من الْمُوَحِّدين إخراجهم مِنْهَا
1 / 83
طَاعَة الْأَئِمَّة والأمراء وَمنع الْخُرُوج عَلَيْهِم
١٤ - وَالطَّاعَة لأولي الْأَمر فِيمَا كَانَ عِنْد الله ﷿ مرضيا وَاجْتنَاب مَا كَانَ عِنْد الله مسخطا
وَترك الْخُرُوج عِنْد تعديهم وجورهم وَالتَّوْبَة إِلَى الله ﷿ كَيْمَا يعْطف بهم على رعيتهم
الْإِمْسَاك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة
١٥ - والإمساك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة والبراءة مِنْهُم فِيمَا
1 / 84
أَحْدَثُوا مَا لم يبتدعوا ضلالا فَمن ابتدع مِنْهُم ضلالا كَانَ على أهل الْقبْلَة خَارِجا وَمن الدّين مارقا ويتقرب إِلَى الله ﷿ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ ويهجر ويحتقر وتجتنب غدته فَهِيَ أعدى من غُدَّة الجرب
الصَّحَابَة
١٦ - وَيُقَال بِفضل خَليفَة رَسُول الله ﷺ أبي بكر الصّديق ﵁ فَهُوَ أفضل الْخلق وأخيرهم بعد النَّبِي ﷺ ونثني بعده بالفاروق وَهُوَ عمر بن الْخطاب ﵁ فهما وزيرا رَسُول الله ﷺ وضجيعاه فِي قَبره وجليساه فِي الْجنَّة ونثلث بِذِي النورين
1 / 85
عُثْمَان بن عَفَّان ﵁ ثمَّ بِذِي الْفضل والتقى عَليّ بن أبي طَالب ﵃ أَجْمَعِينَ
ثمَّ البَاقِينَ من الْعشْرَة الَّذين أوجب لَهُم رَسُول الله ﷺ الْجنَّة ونخلص لكل رجل مِنْهُم من الْمحبَّة بِقدر الَّذِي أوجب لَهُم رَسُول الله ﷺ من التَّفْضِيل ثمَّ ل سَائِر أَصْحَابه من بعدهمْ ﵃ أَجْمَعِينَ
1 / 86
وَيُقَال بفضلهم ويذكرون بمحاسن أفعالهم ونمسك عَن الْخَوْض فِيمَا شجر بَينهم فهم خِيَار أهل الأَرْض بعد نَبِيّهم ارتضاهم الله ﷿ لنَبيه وخلقهم أنصارا لدينِهِ فَم أَئِمَّة الدّين وأعلام الْمُسلمين ف رَحْمَة الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ
الصَّلَاة وَرَاء الْأَئِمَّة وَالْجهَاد مَعَهم وَالْحج
١٨ - وَلَا يتْرك حُضُور صَلَاة الْجُمُعَة وصلاتها مَعَ بر هَذِه الْأمة وفاجرها لَازم مَا كَانَ من الْبِدْعَة بريا فَإِن ابتدع ضلالا فَلَا صَلَاة
1 / 87
خَلفه وَالْجهَاد مَعَ كل إِمَام عدل أَو جَائِر وَالْحج
1 / 88
قصر الصَّلَاة وَالِاخْتِيَار بَين الصّيام والإفطار فِي الْأَسْفَار
١٩ - وإقصار الصَّلَاة فِي الْأَسْفَار وَالِاخْتِيَار فِيهِ بَين الصّيام والإفطار فِي الْأَسْفَار إِن شَاءَ صَامَ وَإِن شَاءَ أفطر
اجْتِمَاع أَئِمَّة الْهدى الماضين على هَذِه المقالات
٢٠ - هَذِه مقالات وأفعال اجْتمع عَلَيْهَا الماضون الْأَولونَ من أَئِمَّة الْهدى وبتوفيق الله اعْتصمَ بهَا التابعون قدوة ورضى وجانبوا التَّكَلُّف فِيمَا كفوا فسددوا بعون الله ووفقوا لم يَرْغَبُوا عَن الِاتِّبَاع فيقصروا وَلم يُجَاوِزُوهُ تزيدا فيعتدوا
فَنحْن بِاللَّه واثقون وَعَلِيهِ متوكلون وَإِلَيْهِ فِي اتِّبَاع آثَارهم راغبون
1 / 89
الْمُحَافظَة على أَدَاء الْفَرَائِض والرواتب وَاجْتنَاب الْمُحرمَات
ف هَذَا شرح السّنة تحريت كشفها وأوضحتها فَمن وَفقه الله للْقِيَام بِمَا أبنته مَعَ معونته لَهُ بِالْقيامِ على أَدَاء فَرَائِضه بِالِاحْتِيَاطِ فِي النَّجَاسَات وإسباغ الطَّهَارَة على الطَّاعَات وَأَدَاء الصَّلَوَات على الاستطاعات وإيتاء الزَّكَاة على أهل الْجدَّات وَالْحج على أهل الْجدّة والاستطاعات وَصِيَام الشَّهْر لأهل الصحات وَخمْس صلوَات سنّهَا رَسُول الله ﷺ من بعد الصَّلَوَات صَلَاة الْوتر فِي كل لَيْلَة
1 / 90