56

Sharh Siyar Kabir

شرح السير الكبير

Maison d'édition

الشركة الشرقية للإعلانات

Année de publication

1390 AH

خَلِيفَتِهِ بِالشَّامِ: اُنْظُرْ مَنْ قِبَلِك، فَمُرْهُمْ فَلْيَنْتَعِلُوا وَلْيَحْتَفُوا أَيْ يَمْشُوا أَحْيَانًا بِغَيْرِ نَعْلٍ، وَأَحْيَانًا فِي النِّعَالِ لِيَتَعَوَّدُوا ذَلِكَ كُلَّهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيَنْتَعِلُوا. وَهُوَ صَحِيحٌ. جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﵇ يُحِبُّ التَّيَامُنَ حَتَّى فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ» . يَعْنِي تَرْجِيلَ الشَّعْرِ أَوْ الْمُرَادُ بِالتَّرَجُّلِ النُّزُولُ عَنْ الدَّابَّةِ. وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِهَذَا لِلْإِشْفَاقِ عَلَيْهِمْ حَتَّى إذَا (٢٦ ب) اُبْتُلُوا بِالْمَشْيِ حُفَاةً فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ. وَفِي قِصَّةِ الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: فَنَظَرْت إلَى بَطْنِ قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ﵇ حِينَ دَخَلَ الْغَارَ، وَهُوَ يَقْطُرُ دَمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَوَّدْ الْحِفْيَةَ، وَلِهَذَا اسْتَحَبُّوا الِاحْتِفَاءَ فِي الْمَشْيِ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ. قَالَ: وَلْيَأْتَزِرُوا وَلْيَرْتَدُوا. أَيْ لَا يَخْرُجُوا لِلصَّلَاةِ وَلِلنَّاسِ إلَّا فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ. فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَتْ تُجْرَى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إذَا تَوَشَّحَ بِهِ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ. وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرِّدَاءِ لِأَنَّهُ زِيُّ الْعَرَبِ. قَالَ: وَلِيُؤَدِّبُوا الْخَيْلَ. وَالْمُرَادُ بِهِ رِيَاضَةُ الْخَيْلِ لِتَكُونَ أَلْيَنَ عَطْفًا عِنْدَ الْحَاجَةِ، أَوْ لِيُؤَدِّبُوا الْخَيْلَ عَلَى النِّفَارِ، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «تُضْرَبُ الدَّابَّةُ عَلَى النِّفَارِ وَلَا تُضْرَبُ عَلَى الْعِثَارِ» . لِأَنَّ الْعِثَارَ قَدْ يَكُونُ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِ الرَّاكِبِ لِلِّجَامِ، وَالنِّفَارُ مِنْ سُوءِ خُلُقِ الدَّابَّةِ فَتُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ لَهُمْ صَلِيبٌ.

1 / 56