Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Maison d'édition
الشركة الشرقية للإعلانات
Année de publication
1390 AH
Genres
Fiqh hanafite
أَوْ مَنْ يَحْمِلُ السِّلَاحَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ الَّذِي يَحْمِلُ السِّلَاحَ بَيْنَ يَدَيْ السُّلْطَانِ: مَسْلَحَةً. وَإِنَّمَا قَالَ عُمَرُ: " لَسْت بِخَيْرِ النَّاسِ، إظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ، فَقَدْ كَانَ هُوَ خَيْرَ النَّاسِ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيقِ ﵁. وَهُوَ نَظِيرُ مَا يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي حَالِ خِلَافَتِهِ: أَقِيلُونِي فَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ. وَقَدْ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
وَإِنَّمَا جَعَلَ عُمَرُ ﵁ صَاحِبَ الصِّرْمَةِ خَيْرِ النَّاسِ لِأَنَّهُ بَذَلَ مِنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ نَفَعَ النَّاسَ. وَقَدْ قَالَ ﵇: «خَيْرُ النَّاسِ رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ (٢٢ آ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَمِعَ هَيْعَةً طَارَ إلَيْهَا» .
ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَإِنِّي أَجْفُو عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ الْعِلْمِ، فَعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك رَسُولُ اللَّهِ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: عَلَيْك بِالْعَلَانِيَةِ وَإِيَّاكَ وَالسِّرَّ. عَلَيْك بِكُلِّ عَمَلٍ إذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ مِنْك لَمْ يَفْضَحْك، وَإِيَّاكَ وَكُلَّ عَمَلٍ إذَا اُطُّلِعَ عَلَيْهِ مِنْك شَانَكَ وَفَضَحَك.
قَوْلُهُ: " أَجْفُو عَنْ أَشْيَاءَ؛ أَيْ أَجْهَلُ - وَلِهَذَا سُمِّيَ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْقُرَى وَالْمَفَاوِزَ أَهْلَ الْجَفَاءِ؛ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَيْهِمْ. فَبَيَّنَ لَهُ عُمَرُ ﵁ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ عَالِمٌ
1 / 36