Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Maison d'édition
الشركة الشرقية للإعلانات
Année de publication
1390 AH
Genres
Fiqh hanafite
قَالَ ﵇: «سَيِّدُ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ» . هَذَا لِأَنَّ الْمُجَاهِدَ لَا يَتَفَرَّغُ لِلْجِهَادِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يَطْبُخُ وَيَرْبِطُ دَابَّتُهُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ فَيَتَقَاعَدَ عَنْ الْجِهَادِ، فَكَانَ الْخَادِمُ سَبَبًا لِلْجِهَادِ.
٢٤ - وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَرَدْت الْجِهَادَ فَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ بِرِكَابِي. فَأَبَيْت ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَتَكْرَهُ لِي الْأَجْرَ؟ فَقَدْ بَلَغَنَا أَنْ خَادِمَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِ الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ جِبْرِيلَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ.
٢٥ - وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ تُبَيْعٍ وَهُوَ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبٍ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: إذَا (٢٠ ب) وَضَعَ الرَّجُلُ رِجْلَهُ فِي السَّفِينَةِ خَرَجَ مِنْ خَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. الْمَائِدُ فِيهِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْغَرِيقُ فِيهِ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدَيْنِ، وَالصَّابِرُ فِيهِ كَالْمَلِكِ عَلَى رَأْسَهُ التَّاجُ. قَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: وَبِهِ نَأْخُذُ، فَنَقُولُ: لَا بَأْسَ بِغَزْوِ الْبَحْرَ وَهُوَ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ غَيْرِهِ. فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنْ مُرَادَ كَعْبٍ إذَا رَكِبَ السَّفِينَةَ عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ. وَمَا يَقُولُهُ كَعْبٌ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَهُ مِنْ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِمَّا لَمْ يَظْهَرْ نَاسِخُهُ فِي شَرِيعَتِنَا، أَوْ يَقُولَهُ سَمَاعًا مِمَّنْ رُوِيَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ[ثُمَّ] رُكُوبُ السَّفِينَةِ عَلَى قَصْدِ الْجِهَادِ إنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ لِأَنَّهُ أَشَدُّ وَأَخْوَفُ، وَفِيهِ تَسْلِيمُ النَّفْسِ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ. فَيَنَالُ بِهِ دَرَجَةَ الشَّهِيدِ فِي تَمْحِيصِ الْخَطَايَا.
1 / 30