Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Maison d'édition
الشركة الشرقية للإعلانات
Année de publication
1390 AH
Genres
Fiqh hanafite
اللَّفْظُ مُشْتَقًّا مِنْ الْأَدْنَى الَّذِي هُوَ الْأَقَلُّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ﴾ [المجادلة: ٧] فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْوَاحِدِ. وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ الدُّنُوِّ وَهُوَ الْقُرْبُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: ٩] فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْمُسْلِمِ الَّذِي يَسْكُنُ الثُّغُورَ فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الْعَدُوِّ. وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْ الدَّنَاءَةِ فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِ الْفَاسِقِ لِأَنَّ صِفَةَ الدَّنَاءَةِ (٦٦ ب) بِهِ تَلِيقُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْأَمَانِ مَعْنَى النُّصْرَةِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا﴾ [الفتح: ١] نَزَلَتْ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ فَتْحًا مُبِينًا وَنَصْرًا عَزِيزًا. وَكُلُّ مُسْلِمٍ أَهْلٌ أَنْ يَقُومَ بِنُصْرَةِ الدَّيْنِ، وَيَقُومَ فِي ذَلِكَ مَقَامَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ النُّصْرَةُ مِنْهُ بِالْقِتَالِ عَلَى وَجْهٍ يَدْفَعُ شَرَّ الْمُشْرِكِينَ سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ، فَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ مِنْهُمْ النُّصْرَةَ بِعَقْدِ الْأَمَانِ وَالصُّلْحِ كَانَ ذَلِكَ كَالْمَوْجُودِ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
- وَلِهَذَا يَصِحُّ أَمَانُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا بِنْيَةٌ صَالِحَةٍ لِمُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ، وَالْأَمَانُ نُصْرَةٌ بِالْقَوْلِ، وَبِنْيَتُهَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُجَاهِدُ بِمَالِهَا. لِأَنَّ مَالَهَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ كَمَالِ الرَّجُلِ. ٣٤٨ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ أَمَانِهَا أَنَّ «زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ
1 / 253