Sharh Siyar Kabir
شرح السير الكبير
Maison d'édition
الشركة الشرقية للإعلانات
Année de publication
1390 AH
Genres
Fiqh hanafite
ثُمَّ انْتَسَخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﵇: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبَةِ نَفْسٍ مِنْهُ» .
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ حِلُّ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِنَّهَا [مَا] كَانَتْ تَحِلُّ لِأَحَدٍ قَبْلَ مَبْعَثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [الأنفال: ٦٩] . وَقَالَ ﷺ: «خُصِّصَتْ بِخَمْسٍ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا حِلَّ الْغَنَائِمِ.
وَلَمْ يُرِدْ بِالظِّلِّ حَقِيقَةَ الظِّلِّ، لَكِنْ أَرَادَ بِهِ الْأَمَانَ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ: السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ. يُرِيدُ بِهِ الْأَمَانَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي» أَيْ ذُلُّ الشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨] فَهَذَا بَيَانُ الذُّلِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ الصَّغَارِ صَغَارُ الْجِزْيَةِ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩] . وَقَوْلُهُ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، أَيْ تَشَبَّهَ بِالْمُجَاهِدِينَ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُمْ وَالسَّعْيِ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِمْ وَتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ، فَيَكُونُ مِنْهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي مِثْلِ هَذَا قَالَ ﵇: «هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ» . فِي حَقِّ الْعُلَمَاءِ.
١١ - وَذُكِرَ بَعْدَ هَذَا عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ «لَمَّا قُتِلَ ابْنُ رَوَاحَةَ قَالَ ﵇: كَانَ أَوَّلَنَا فُصُولًا وَآخِرَنَا قُفُولًا، وَكَانَ يُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا» فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ بِمَا هُوَ فِيهِ. وَإِنَّمَا يُكْرَهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِذِكْرِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " أَوَّلَنَا فُصُولًا " أَيْ مِنْ الصَّفِّ بِالْخُرُوجِ إلَى الْمُبَارَزَة " وَآخِرُنَا قُفُولًا " أَيْ رُجُوعًا عَنْ الْقِتَالِ، فَبَيَّنَ شِدَّةَ رَغْبَتِهِ فِي الْجِهَادِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ.
1 / 18